أفضل الأفراد. وإن اريد أنّ الجمع بين الدليلين منحصر به ، ففيه : أنّ الأمر ليس كذلك ، فانّ الجمع بينهما كما يمكن بذلك يمكن بحمل المقيد على أفضل الأفراد ، فلا وجه لترجيح الأوّل على الثاني.
ومن هنا ذكر المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) وجهاً آخر لذلك : وهو أنّ ظهور الأمر في طرف المقيد في الوجوب التعييني بما أنّه أقوى من ظهور المطلق في الاطلاق فيقدّم عليه.
وفيه : أنّه لا يتم على مسلكه قدسسره حيث إنّه قد صرّح في بحث الأوامر (٢) أنّ صيغة الأمر لم توضع للدلالة على الوجوب التعييني ، بل هو مستفاد من الاطلاق ومقدمات الحكمة ، وعليه فلا فرق بين الظهورين ، فلا يكون ظهور الأمر في الوجوب التعييني أقوى من ظهور المطلق في الاطلاق.
فالصحيح في المقام أن يقال : إنّ الأمر بالمقيّد بما أنّه ظاهر في الوجوب على ما حققناه في محلّه من ظهور صيغة الأمر في الوجوب ما لم تقم قرينة على الترخيص ، فيقدّم على ظهور المطلق في الاطلاق ، حيث إنّ ظهوره فيه يتوقف على البيان وهو يصلح أن يكون بياناً له عرفاً.
ومن الواضح أنّ في كل مورد يدور الأمر بين رفع اليد عن ظهور القرينة ورفع اليد عن ظهور ذيها ، يتعين الثاني بنظر العرف ، وعليه فيكون ظهور الأمر بالمقيد في الوجوب مانعاً عن ظهور المطلق في الاطلاق. ونقصد بظهوره الظهور الكاشف عن المراد الجدي ، فانّه يتوقف على عدم البيان المنفصل ، دون أصل ظهوره حيث إنّه لا يتوقف عليه وإنّما يتوقف على عدم البيان المتصل.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٥٠.
(٢) كفاية الاصول : ٧٦.