على مقدار الضرورة بما أنّها بنظر العرف لا بالدقة الفلسفية ، فلا محالة وجب الاقتصار في الصلاة على الايماء والاشارة بدلاً عنهما.
وأمّا الدعوى الثانية : فلأنّ العقل يحكم بأن كل جسم يشغل المكان المغصوب بمقدار حجمه من الطول والعرض والعمق ، ومن الواضح جداً أنّ ذلك المقدار لا يختلف باختلاف أوضاعه وأشكاله ، ضرورة أنّه سواء أكان على هيئة القائم أو القاعد أو الراكع أو الساجد أو ما شاكل ذلك ، يشغل مقداراً خاصاً من المكان ، وهذا لا يتفاوت زيادةً ونقيصةً بتفاوت تلك الأوضاع والأحوال ، وعليه فكونه على هيئة الراكع أو الساجد ليس تصرفاً زائداً بنظر العقل على كونه على هيئة القائم أو القاعد ... وهكذا ، وهذا واضح.
ونتيجة ما أفاده قدسسره هي وجوب الاقتصار على الايماء والاشارة في الصلاة وعدم جواز الاتيان بالركوع والسجود.
ولكنّ الصحيح هو القول الأوّل ، والوجه في ذلك : هو أنّ كل جسم له حجم خاص ومقدار مخصوص كما عرفت يشغل المكان بمقدار حجمه دون الزائد عليه ، ومن الطبيعي أنّ مقدار تحيزه وشغله المكان لا يختلف باختلاف أوضاعه وأشكاله الهندسية من المثلث والمربع وما شاكلهما ، بداهة أنّ نسبة مقدار حجمه إلى مقدار من المكان نسبة واحدة في جميع حالاته وأوضاعه ، ولا تختلف تلك النسبة زيادة ونقيصة باختلاف تلك الأوضاع الطارئة عليه ، مثلاً إذا اضطرّ الانسان إلى البقاء في المكان المغصوب كما هو مفروض الكلام في المقام لا يفرق فيه بين أن يكون قائماً أو قاعداً فيه ، وأن يكون راكعاً أو ساجداً ، فكما أنّ الركوع والسجود تصرّف فيه ، فكذلك القيام والقعود ، فلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلاً ، بداهة أنّ الركوع والسجود ليسا تصرّفاً زائداً على القيام والقعود لا بنظر العقل ولا العرف ، فعندئذ لا وجه للقول