ولا ينفع فيه مجرّد العسر والحرج ، لكن هل يمكن أن يكون منهياً عن الوضوء به أو شربه ولو على نحو الترتّب؟ الظاهر نعم ، وقد حقّقنا ذلك في شرح عبارة الوسيلة فراجع (١). ولا يخفى أنّه لو أمكن فيه الترتّب كان العلم الاجمالي منجّزاً وموجباً لسقوط الأصل في كلّ من الطرفين ، فتأمّل.
وأمّا القسم الثاني وهو ما كان مضطرّاً إلى استعماله فيما يشترط فيه الطهارة ، وكان الاستعمال المذكور موجباً لإتلافه ، فإن كان له أثر آخر وكان مشروطاً بالطهارة ، كما لو كان أحدهما ماء وكان مضطرّاً إلى شربه وكان له أثر آخر وهو المنع عن الوضوء به ، كان ملحقاً بالقسم الأوّل في كون وجوب صرف ذلك الطرف في الشرب موجباً لعدم القدرة شرعاً على الوضوء به ، فيكون سقوط العلم الاجمالي عن التأثير بالنسبة إلى الأثر الأوّل من باب الاضطرار ، وبالنسبة إلى الأثر الثاني من باب الخروج عن محلّ الابتلاء ، لكن بالنظر إلى الترتّب يكون العلم الاجمالي منجّزاً بالنسبة إلى الأثر الثاني ، فتأمّل.
لا يقال : إنّ الترتّب لا يصحّح التكليف من ناحية الوضوء ، لكونه مشروطاً بالقدرة التي لا مجال فيها للترتّب.
لأنّا نقول : إنّ المشروط بالقدرة الشرعية إنّما هو وجوب الوضوء ، لا النهي عنه الذي نريد أن نقول إنّه مترتّب على عصيان الأمر بالشرب ، بحيث يكون المحصّل اشرب هذا الاناء وإن عصيت ولم تشربه فلا تتوضّأ به ، ومن الواضح أنّ النهي عن الوضوء بالنجس ليس بمشروط بالقدرة الشرعية كي يقال إنّه لا يتأتّى فيه الترتّب ، وإن شئت فاترك النهي عن الوضوء واجعل الأمر الثاني كحرمة بيعه مثلاً.
__________________
(١) مخطوط لم يطبع بعد.