حصل أيضاً ، بناءً على أنّ المراد من وجوب القيام على تقدير الصدقة هو وجوبه على تقدير اتّفاق حصولها في هذا اليوم مثلاً ، فيكفي في الخروج عن عهدته اتّفاق وجوده ولو قبلها ، فتأمّل.
وثانياً ، وهو العمدة في حلّ الإشكال المزبور : أنّه ليس مجرّد ترك المباح هو الموجب لاسقاط حرمة الميتة واقعاً ، لما عرفت من الإشكال عليه فيما تقدّم ، وحاصله أنّ ترك الحرام وإن كان حرجياً عند ترك المباح ، إلاّ أن ذلك الحرج لا يوجب سقوط حرمة ذلك الحرام ، بل يوجب بحكم العقل إلزام المكلّف بالإقدام على ذلك المباح ليرتفع الحرج في ترك الحرام ، بل إنّ الترك الموجب لاسقاط حرمة الميتة لكونها معه حرجية هو الترك الذي يلزم به المكلّف ، وهو ترك المباح الناشئ عن انسداد باب وجوده في وجهه ، من جهة العلم الاجمالي بوجود الميتة والجهل بها عيناً ، الموجب لحكم العقل عليه بلزوم ترك كلّ منهما ، وبعد أن صار ترك المباح لازماً على ذلك المكلّف ، يكون إطلاق حرمة الميتة وشموله للزوم تركها في حال ترك الطرف الآخر حرجياً فيرتفع ، فلم يكن ارتفاع حرمة الميتة واقعاً بازاء مجرّد كون المكلّف تاركاً لطرفها ، بل بازاء كونه ملزماً بترك ذلك الطرف على وجه ينسدّ عليه باب وجود ذلك الطرف إلى آخر الأبد ، فلا يكفي في ارتفاع حرمة الميتة مجرّد أنّه تارك للطرف قبل الإقدام عليها ، بل لابدّ فيه من كون المكلّف تاركاً للطرف إلى آخر الأبد ، ويكون باب وجوده منسدّاً في وجهه ولو من جهة العلم الاجمالي ، إذ لو تسنّى له وجوده لم يكن تحريم تلك الميتة حرجياً عليه ، وحينئذ نقول : إنّ صحّة ارتكابه للأُولى يتوقّف على كون تركها حرجياً ، ولا يكون حرجياً إلاّمن جهة لزوم ترك الأُخرى عليه ، وأنّه ملزم بذلك الترك من ناحية حكم العقل الناشئ عن العلم الاجمالي ، وهذه الجهة باقية بحالها بعد فراغه