هي الميتة المنجّزة حرمتها عليه بذلك العلم الاجمالي المتعلّق بحرمة إحداهما على تقدير الإقدام على الأُخرى.
ومن ذلك يتّضح لك فساد ما ذكر في الإشكال من جريان أصالة البراءة من حرمة الثانية بلا معارض ، فإنّ أصالة البراءة من حرمتها المعلّقة على الإقدام على الأُولى كانت ساقطة بالتعارض قبل الإقدام على الأُولى ، لما عرفت من أنّه قبل الإقدام على الأُولى كان عالماً بحرمة كلّ منهما على تقدير الإقدام على الأُخرى ، فتكون الأُولى في ذلك الحين أيضاً مجرى لأصالة البراءة من حرمتها على تقدير الإقدام على الثانية.
ونظير ذلك ما لو علم إجمالاً بوجوب أحد الفعلين كالقيام والصدقة معلّقاً على الآخر ، بأن يكون قد علم أنّه وجب عليه إمّا القيام إن حصلت منه الصدقة ، أو الصدقة إن حصل منه القيام ، فإنّه قبل الإقدام على أحدهما وإن لم يكن أحدهما واجباً عليه في الواقع ، وكان عند الإقدام على القيام شاكّاً في وجوب الصدقة ، إلاّ أنّ ذلك العلم الاجمالي السابق كافٍ في الحكم بتنجّزها عليه وعدم جريان البراءة فيها ، لسقوطها سابقاً بالمعارضة مع أصالة البراءة من القيام على تقدير الصدقة.
لكن ذلك لا يخلو من تأمّل ، لإمكان أن يقال : إنّه قبل الإقدام على شيء منهما لا تجري في حقّه البراءة في كلّ من الطرفين ، إذ لا أثر لها إلاّعند تحقّق الشرط لذلك الواجب المشروط. نعم بعد القيام وبعد الإقدام على الصدقة أيضاً يلزمه القيام ثانياً ، وهو كافٍ في حصول البراءة اليقينية.
وقد يقال : لا حاجة إلى القيام ثانياً ، بل يكون إقدامه على الصدقة بعد القيام الأوّل كافٍ في الخروج من عهدة كلا التكليفين ، لأنّ الواجب عليه إن كان هو الصدقة على تقدير القيام فقد حصلت ، وإن كان هو القيام على تقدير الصدقة فقد