فقبل الإقدام على إحداهما تكون الميتة الواقعية الموجودة في البين غير محرّمة واقعاً ، لحصول الشرط في ارتفاع الحرمة في كلّ منهما لو كانت هي الميتة واقعاً ، وعند الإقدام على إحداهما لا يكون مقدماً إلاّعلى ما هو مباح واقعاً ، إمّا بذاته أو بواسطة ارتفاع حرمته بسبب الحرج الآتي من ناحية ترك الأُخرى المتحقّق قبل الإقدام على الأُخرى. وحينئذ نقول : بعد فراغه من أكل الأُولى يكون الشكّ في حرمة الباقية بدوياً ، لأنّها إن لم تكن هي الميتة فلا شبهة في إباحتها ، وإن كانت هي الميتة وإن كانت هي محرّمة في الواقع إلاّ أنها حرمة آتية من الإقدام على السابقة ، لما عرفت من أنّ الميتة الموجودة قبل الإقدام على الأُولى ليست بحرام ، وحيث إنّ ذلك غير محرز للمكلّف ، كانت أصالة البراءة في حرمتها جارية بلا معارض ، لعدم كون ذلك من قبيل الشكّ في السقوط ، بل هو من قبيل الشكّ في حدوث الحرمة في الثانية بعد الإقدام على الأُولى.
نعم ، لا يتأتّى الإشكال المزبور فيما لو كانت الشبهة وجوبية ، كما لو فرض تعسّر الجمع بين الصلاة والصوم وعلم إجمالاً بوجوب أحدهما ، فإنّه بناءً على كون الساقط هو إطلاق الوجوب الواقعي الوارد على أحدهما لما إذا أتى بالآخر ، يكون الشرط في وجوب كلّ منهما حاصلاً قبل الإقدام على أحدهما ، فيلزمه الاحتياط بالإقدام على أحدهما وترك الآخر ، لكونه حرجياً حينئذ.
لأنّا نقول : أوّلاً : أنّه قبل الإقدام على إحدى السمكتين وإن كانت الميتة الواقعية مباحة في الواقع ، لتحقّق ما هو الشرط في سقوط حرمتها ، إلاّ أنه مع ذلك يعلم إجمالاً بأنّ إحدى السمكتين تكون محرّمة عليه عند الإقدام على الأُخرى ، وهذا المقدار من العلم الاجمالي المتعلّق بحرمة إحداهما على تقدير الإقدام على الأُخرى كافٍ في لزوم الاجتناب عن الثانية بعد ارتكاب الأُولى ، لاحتمال كونها