لم يمكن تحكيمه على نفس الاحتياط العقلي ، جعلناه وارداً على الوجوب الواقعي لو كان منطبقاً على هذا الطرف مع فرض إتيانه بالطرف الآخر بسائق من العلم الاجمالي.
ولا يخفى أنّه بناءً على ذلك يكون قبل الشروع فيهما عالماً بوجود التكليف الواقعي بينهما ، لحصول شرط وجوبه وهو عدم الاتيان بالآخر ، سواء كان الواجب الواقعي هو الصوم أو كان الواجب الواقعي هو الكون في المسجد ، وعند إقدامه على كلّ منهما مع الحرج في الجمع بينهما لا يكون واحد منهما متّصفاً بالوجوب الواقعي ، لأنّ كلّ واحد منهما يكون وجوده رافعاً لوجوب الآخر ، سواء كان هو الصوم أو كان هو الكون في المسجد ، ولو جاء بأحدهما وترك الآخر كان من الموافقة الاحتمالية ، ولو تركهما معاً كان من المخالفة القطعية.
وربما يقال : إنّ هذا لا يحتاج إلى ما ذكر في الشبهة التحريمية من التشبّث بأذيال العلم الاجمالي ، بل يكون حاله حال التدريجيين ، فإنّه بمجرّد إقدامه على أحدهما يتعيّن الآخر للسقوط لو كان هو الواجب الواقعي ، نعم في صورة الاتيان بهما معاً يكون الحكم بكون كلّ منهما غير واجب مبنيّاً على ما تقدّم ، فإنّ فعله الصوم مقارناً لكونه في مسجد الكوفة يكون حرجياً عليه ، بواسطة كون العلم الاجمالي ملزماً له بالكون في مسجد الكوفة الموجب لكون الصوم حرجياً عليه ، فتأمّل.
وربما يقال في صورة الاضطرار إلى واحد غير معيّن : بالمنع من ارتكاب الطرفين دفعة ، وجواز ارتكابهما تدريجاً ، والوجه فيه هو أنّ المنع من ارتكاب النجس الموجود بينهما يكون مقيّداً بارتكاب أحد الطرفين الرافع لاضطراره ،