الفرق بين الأُصول اللفظية والأُصول العملية ، فتأمّل (١) ، ويكون حينئذ إشارة إلى مانعية الشبهة المصداقية ، وهي فارقة بين الأُصول اللفظية والأُصول العملية كما عرفت.
لكن هذا الفرق لا يتوقّف على خروج الطرف الآخر عن الابتلاء ، بل هو موجود حتّى فيما لو كان الآخر داخلاً في محلّ الابتلاء ، بمعنى أنّا لو قلنا إنّ العلم الاجمالي بين الطرفين الداخلين في محلّ الابتلاء لا يكون مانعاً من إجراء الأُصول العملية واللفظية في الأطراف ، لكان بينهما فرق من هذه الناحية ، أعني ناحية كون الشبهة مصداقية ، فإنّها تمنع من الأُصول اللفظية وإن لم تمنع من الأُصول العملية ، ولعلّ قوله قدسسره : « فتأمّل » إشارة إلى هذه الجهة. والمطلب واضح بعد هذه المباني ، وكأنّه لأجل ذلك لوّح إليه الشيخ قدسسره تلويحاً ، وأوكل توضيحه بما عرفت إلى ما حقّقه في محلّه في باب العموم والخصوص ، فراجع.
ومن ذلك كلّه يظهر لك التأمّل فيما أُفيد في هذا التحرير من المناقشة مع الشيخ في كلا المقامين ، أعني مقام كون العلم الاجمالي مانعاً عن التمسّك بالعموم في أطرافه ، ومقام إجراء أصالة الحل.
أمّا المقام الأوّل ، فهو قوله : والحقّ أنّه يمنع ، للفرق بين الأُصول العملية والأُصول اللفظية ـ إلى قوله ـ والعلم الاجمالي بالمخصّص يمنع عن كونها كاشفة كما لا يخفى ، ولعلّه إلى ذلك يرجع ما ذكره الشيخ قدسسره أخيراً من إبداء الفرق بين الأُصول العملية والأُصول اللفظية الخ (٢) ، فإنّ ظاهره هو أنّ العلم الاجمالي بالمخصّص يمنع من التمسّك بالعموم في بعض أطرافه وإن كان الطرف الآخر
__________________
(١) فرائد الأُصول ٢ : ٢٥٠.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ١١٤.