الموافقة القطعية فيها مستلزمة للعسر والحرج ، فلا يتوجّه عليه الايراد المذكور ، لكن لابدّ في كيفية تحكيم دليل نفي العسر والحرج من أحد وجهين :
أحدهما : تسليطه على نفس التكليف الواقعي ، بدعوى أنّه يكفي في كونه حرجياً هو استلزامه للحرج ولو بواسطة حكم العقل بلزوم الاحتياط ، فتكون النتيجة حينئذ هي سقوط الاحتياط بالمرّة ، وعدم حرمة المخالفة القطعية كما يوجب عدم لزوم الموافقة القطعية.
ثانيهما : ما تقدّم (١) من طريقة تقييد إطلاق التكليف الموجود في هذا الطرف سواء اجتنب البواقي أو لم يجتنب ، ولازم ذلك تبعيض الاحتياط وسقوطه بمقدار ما يرتفع به الحرج.
ولا يخفى أنّه لو خلّينا نحن والعسر والحرج لكان مقتضاه تعيّن الوجه الثاني ، للزوم الاقتصار على ما يرتفع به العسر والحرج ، ومع ارتفاع العسر والحرج بتقييد الاطلاق المزبور لا وجه للوجه الأوّل الذي يكون مقتضاه رفع التكليف بتاتاً.
أمّا الإجماع فالظاهر أنّه لا ريب فيه. وما أُفيد من أنّه ليس في البين إجماع تعبّدي لا يخلو عن تأمّل ، لأنّا لو خلّينا نحن ودليل العسر والحرج لكان مقتضاه هو الطريقة الثانية ـ أعني طريقة إسقاط الاطلاق ـ التي يكون مقتضاها الاقتصار على ما يرتفع به العسر والحرج ، والظاهر من الإجماع أنّه إجماع على جواز ارتكاب الأطراف بقول مطلق من دون اختصاص بالمقدار الذي يرتفع به العسر والحرج.
نعم ، يبقى الكلام حينئذ في أنّ ذلك الإجماع هل يشمل الشبهات غير
__________________
(١) في الصفحة : ١١٦ وما بعدها.