لكن يتوجّه على هذا الضابط ما عرفت الاشارة إليه ، من أنّه لابدّ في تلك الأطراف التي يحتمل وجودها أن تكون بمقدار المعلوم بالاجمال ، وإلاّ عاد المحذور في جواز ارتكابه للأطراف التي علم بوجودها ، مثلاً لو علم بوجود عشر شياه محرّمة في جملة غنم البلد المفروض أنّها غير محصورة ، لم يجز له ارتكاب بعض الأطراف التي ضبطها وعلم بوجودها ، إلاّ إذا كان يحتمل وجود أطراف أُخر هي بمقدار المعلوم بالاجمال ، بمعنى أنّه يحتمل أنّ الذي شذّ عنه ولم يحط علمه بوجوده كان بمقدار المعلوم بالاجمال الذي هو العشر ، أمّا إذا لم يحتمل ذلك بل أقصى ما عنده أنّه يحتمل أنّه قد شذّ عنه مقدار خمس شياه مثلاً ، لم يجز له ارتكاب شيء ممّا علم بوجوده ، للعلم بأنّ فيه خمساً محرّمة.
ثمّ لا يخفى أنّه بناءً على كون ذلك هو الضابط في الشبهة غير المحصورة ، لا يمكن أن يتصوّر لنا صورة يشكّ في كونها من المحصور أو غير المحصور ، وذلك واضح لا يحتاج إلى بيان.
كما أنّ هذا الضابط لا يجري في الشبهات الوجوبية ، لأنّ العلم بوجوب وارد إمّا على أحد هذه الأشياء أو على شيء آخر لا أعلم بوجوده ، لا يكون من العلم غير المؤثّر ، بل يكون مؤثّراً ، غايته أنّ ذلك الذي لا نعلمه يسقط فيه الاحتياط بمقدار العسر والحرج كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى (١).
وفيه تأمّل ، فإنّه لو علم بوجوب إكرام العالم وتردّد بين أطراف كثيرة وكان يحتمل وجود أطراف أُخر لا يعلم بوجودها ، كان الملاك الذي ذكرناه في الشبهة التحريمية جارياً فيه.
لكن هذا الضابط لا يخلو من الخدشة والتأمّل ، فإنّ عدم العلم بوجود
__________________
(١) في الحاشية الثانية في الصفحة : ٢٤٣ وما بعدها.