محالة ، وحينئذ يكون الإقدام على العملية راجحاً في نظرهم ـ بل لعلّه واجب شرعاً ـ حتّى لو كان من قبيل الواحد بالمائة.
وعلى كلّ حال ، لابدّ للطبيب القائل بأنّ احتمال النجاح بالمائة تسعون مثلاً مستنداً إلى استقراء ، بأن يكون هناك إحصاء طبّي استقرائي قد وقع على مثل هذه العملية في مائة شخص ، فكان الناجح فيهم تسعين بالمائة والهالك عشرة ، لكن هذا لا أصل له على الظاهر ، ولو كان له أصل فهو لا يقبل النزاع ، فإنّك ترى أنّ أحدهم يقول في قضية واحدة إنّ النجاح بالمائة تسعون ، وآخر يقول إنّه بالمائة ستّون وهكذا ، بل الظاهر أنّ هذه التعبيرات تسامحية حتّى كان الطبيب يرى وجوه الاحتمالات في القضية مائة ، ويرى أنّ تسعين منها نجاح تنزيلاً لقوّة الاحتمال وضعفه منزلة عدد وجوه الاحتمالات.
وعلى كلّ حال ، فإنّ هذا الميزان ـ أعني المائة ـ إنّما هو في العمليات ونحوها ممّا يدور الأمر فيها بين المحذورين ، وحينئذ يختار الشخص ما هو أكثر احتمالاً للنجاح ، وهكذا الحال في مسائل مجرّد النفع من دون مقابلة للضرر ، بل من باب الإقدام على النفع المحتمل في قبال عدم النفع ، أمّا في قبال الضرر المحتمل في قبال عدم الضرر كما في الإقدام على ما يحتمل فيه السمّ ، بأنّ علم وجوده إجمالاً في أوانٍ كثيرة ، أو الإقدام على ما يحتمل فيه العقوبة الأُخروية ، فالمسألة تحتاج إلى مقياس أعلى حتّى عند العقلاء.
ومن ذلك يظهر لك أنّا لو سلّمنا قيام الدليل الشرعي على إمضاء تلك الطريقة العقلائية مثل الإجماع أو الروايات ، لابدّ من الأخذ بالقدر المتيقّن ممّا يجري عليه العقلاء في محتملات الضرر بالنسبة إلى قلّة الاحتمالات وكثرتها.
ثمّ لا يخفى أنّ هذا المطلب ـ أعني بناء العقلاء على إلغاء احتمال الخطر في