الباقي ، مثل واحد في ضمن أُلوف مثلاً ، أو عشرة في ضمن ملايين. نعم هذا المقدار من العدد صالح لأن يطبّقه المكلّف على أي شاء من تلك الأطراف ، وأيّاً منها طبّقه عليه يكون التكليف فيه مظنون العدم ، ولعلّ هذا هو مراد الأُستاذ صاحب المقالة فيما تقدّم من نقل عبارتها (١).
وبتقريب آخر : أنّ ضعف الاحتمال والظنّ بالعدم في كلّ واحد واحد يستمرّ إلى أن يزيد العدد ويبلغ النصف أو أكثر بكثير ، يلتفت الإنسان إلى ما مرّ من الآحاد التي مرّت عليه واستضعف الاحتمال فيها ، فينقلب حاله بالنسبة إليها من الظنّ بالعدم في كلّ واحد منها إلى الظنّ بالوجود بالجملة فيها ، لأنّ الباقي عنده من الأعداد يكون ظنّه فيها ضعيفاً ، ولازمه انقلاب ما مرّ عليه من الظنّ بالعدم إلى الظنّ بالوجود.
وبالجملة : هو لا يبقى على الظنّ بالعدم إلى أن يستوفي تمام الأعداد ، ليكون ذلك من باب الظنّ بالسالبة الكلّية ، بل عند بقاء القليل ينقلب حاله بالنسبة إلى ما مرّ من الظنّ بالعدم إلى الظنّ بالوجود ، فلا يحصل له الظنّ حينئذ بالسالبة الكلّية.
والحاصل : أنّ هذه السالبة الكلّية المدّعى كونها مظنونة ، إن كانت دفعية فلا إشكال في أنّها ليست كذلك ، لأنّ الظنّ بالعدم دفعة إنّما هو في مقدار عدد خاصّ من تلك الأطراف يكون احتمال التكليف فيها ضعيفاً ، فيكون عدمه فيها مظنوناً ، غايته أنّه على نحو التبادل ، فأقصى ما في البين هو الظنّ بالسالبة الجزئية ، غايته أنّه على نحو التبادل. وإن كانت تدريجية ، فهو ـ أعني الظنّ بالعدم في كلّ واحد من الأطراف على نحو التدريج ـ إنّما يتمّ ويتمشّى إلى حدّ خاصّ ، وهو المقدار
__________________
(١) في الصفحة : ١٨٥.