أمّا لو كان في البين أصل موضوعي كما عرفت من اشتباه الطاهر من اللباس أو ما يؤكل لحمه وقد تعذّر عليه الصلاة في أحدها المعيّن ، فإنّ أصالة الطهارة أو البراءة من مانعية غير ما تعذّر عليه ، تنقّح موضوع وجوب الصلاة فيه من دون حاجة إلى التكرار في تمام الباقي ، فلاحظ وتأمّل.
ثمّ أساس ما أفاده هو الفرق بين مثل أكرم عالماً ومثل أكرم كلّ عالم ، في أنّ وجود مصداق العالم في الثاني شرط في فعلية وجوب إكرامه ، بخلاف الأوّل فإنّه يكون من قبيل المقدّمة الوجودية ، وقال فيه : ومن هذا القبيل ما لو قال الشارع : يجب إكرام كلّ عالم من أهل البلد أو تجب الصلاة على كلّ ميّت مسلم أو نحو ذلك ، فإنّ هذا النحو من التكاليف كلّها واجبات مشروطة بتحقّق موضوعاتها ، فلو لم يعلم المكلّف بوجود عالم في البلد لا يتنجّز في حقّه التكليف ، ولا يجب الفحص عنه ما لم يعلم بوجوده إجمالاً ، ويرجع في موارد الشكّ إلى أصل البراءة ، ومع العلم الاجمالي بوجود عالم مردّد بين أشخاص محصورة إلى قاعدة الاحتياط ، بشرط أن يكون العلم الاجمالي صالحاً للتأثير لا مطلقاً ، وهذا بخلاف ما لو تعلّق طلب مطلق باكرام عالم مثلاً ، فإنّه يجب حينئذ الفحص عن مصداق العالم والخروج عن عهدة التكليف بالموافقة القطعية مع الامكان ، وإلاّ فما هو الأقرب إليه فالأقرب ، حتّى أنّه لو لم يوجد عالم وتمكّن من تعليم أحد بحيث اندرج في موضوع العالم من غير مشقّة رافعة للتكليف وجب عليه ذلك من باب المقدّمة ، وهذا بخلاف الفرض الأوّل الذي جعل العالم فيه بنفسه موضوعاً لوجوب الاكرام ، لا إكرامه من حيث هو متعلّقاً للطلب كي يكون تحصيل العالم من المقدّمات الوجودية للواجب المطلق كما في الفرض الثاني ، فليتأمّل (١)
__________________
(١) مصباح الفقيه ( الصلاة ) ١٠ : ١٠٢ ـ ١٠٣ ( مع اختلاف يسير ).