يكون إلاّ إذا كان ناوياً أن يأتي بكلّ منهما بحيث يكون الداعي له على الاتيان بهما هو الامتثال القطعي لذلك الأمر القطعي ، فهو يأتي بالظهر ليكون الاتيان بها وبالجمعة بعدها امتثالاً قطعياً لذلك الأمر القطعي.
وبعبارة أُخرى : لابدّ أن يكون المحرّك له والباعث له على الفعلين هو حصول الامتثال القطعي وإن كان الامتثال في كلّ منهما احتمالياً ، فإنّ ذلك لا ينافي لزوم الامتثال القطعي.
وإن شئت فقل : إنّ الأمر القطعي الموجود في الواقع يستدعي قصد امتثاله ، بحيث يكون الداعي على العمل هو امتثال ذلك الأمر القطعي ، فلابدّ أن يتحرّك إلى الاثنين بداعي امتثال ذلك الأمر القطعي ، فلو لم يكن قاصداً امتثال ذلك الأمر القطعي ، بل كان قد أتى بالظهر فقط لعلّها أن تكون هي الواجبة واقعاً من دون قصد إلى الامتثال القطعي لذلك الأمر القطعي ، ولم يكن من قصده أن يأتي بعدها بالجمعة ، ثمّ بعد الفراغ منها تبيّن أنّها هي الواجبة لم يكن ذلك كافياً.
وهكذا الحال فيما لو كان قد أتى بها بداعي مجرّد الاحتمال ، ثمّ أتى بالأُخرى كذلك ، لم يكن ذلك كافياً مطلقاً حتّى لو كان في نيّته أنّه يفعل الثانية بعد الأُولى من باب مجرّد النيّة ، لا من باب أنّه من أوّل الأمر قاصد للامتثال القطعي ، بحيث إنّه لم يحرّكه على الاتيان بكلّ منهما إلاّمجرّد الاحتمال ، من دون أن يكون قاصداً بهما الامتثال القطعي لذلك الأمر القطعي ، بمعنى أنّه لم ينبعث عن ذلك الأمر القطعي ، بل انبعث في كلّ منهما عن الأمر الاحتمالى فيها ، لم يكن ذلك كافياً لأنّه لم يحصل منه من أوّل الأمر الجزم بالامتثال بالنسبة إلى ذلك الأمر المعلوم ، غايته أنّه بعد الفراغ منهما يحصل له القطع بأنّه قد أتى بما هو متعلّق ذلك الأمر ، لكن من دون تقدّم قصد جزمي إلى امتثاله وإطاعته.