الفراغ عن تنجيز العلم الاجمالي ، لكنّه أجنبي عمّا هو محطّ كلامه قدسسره (١). وإلى ذلك أشار في هذا التحرير بقوله : وليس المحتملان بمنزلة فعل واحد مرتبط الاجزاء حتّى يقال : العلم بتعلّق التكليف بالفعل الواحد قصد امتثال الأمر المعلوم الخ (٢).
ولكن مع ذلك يمكن الفرق بين ما نحن فيه وبين الشبهة البدوية بما لا يرجع إلى ما يكون عدم القصد فيه تجرّياً ، فإنّه في الشبهة البدوية لا يكون سوى الاحتمال الصرف ، فلا يكون الغاية فيه إلاّ احتمال الامتثال ، بخلاف ما نحن فيه حيث إنّ الأمر موجود وجداناً فيمكنه الاشارة إليه ، ويجعل الغاية من فعله الظهر مثلاً هو امتثاله لذلك الأمر لو كان متعلّقاً بها وهكذا الحال في فعل الجمعة ، على وجه يتحرّك إلى فعل الظهر وإلى فعل الجمعة بعدها عن نفس ذلك الأمر ، ولا يلزم منه أن يكون فعلهما معاً بقصد واحد وإرادة واحدة ، لكي يرد عليه أنّه من قبيل الاتيان بمجموع الأطراف بدعوة الأمر المعلوم ، والمفروض أنّه لا يدعو إلى المجموع وإنّما يدعو إلى واحدة منهما ، بل يكون هناك إرادتان وقصدان يتعلّق أحدهما بفعل الظهر والآخر بفعل الجمعة ، وكلّ من هذين القصدين بداعي امتثال ذلك الأمر الموجود ، لاحتمال كونه متعلّقاً بذلك المقصود فعله ، فلا يكون ذلك من قبيل الامتثال الاحتمالي ، بل من قبيل الامتثال القطعي ، غايته أنّ الاحتمال واقع في الممتثل به ، وبذلك ينفرد عن الشبهة البدوية ، فإنّ الامتثال فيها احتمالي صرف.
والحاصل : أنّ الأمر فيما نحن فيه يكون بوجوده العلمي محرّكاً ، ولكن
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٤٨٤ ـ ٤٨٥.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ١٣٧.