حيث تردّد متعلّقه بينهما فهو يتحرّك إلى كلّ واحدة منهما لاحتمال كون ذلك الأمر المعلوم متعلّقاً بها ، وهذا بخلاف الشبهة البدوية فإنّ الأمر لا يكون محرّكاً بوجوده العلمي ، وإنّما يكون المحرّك هو وجوده الاحتمالي.
والخلاصة : هي أنّه في صورة العلم الاجمالي يكون ذلك الأمر الموجود مولّداً في نفس المكلّف إرادة امتثال ذلك الأمر والتحرّك عنه بداعي الحصول على امتثاله ، وهذا المقدار من توليد الارادة المذكورة في نفس المكلّف يشترك فيه الأمر المعلوم تفصيلاً والأمر المعلوم إجمالاً ، ولكن في الأمر المعلوم بالاجمال يتولّد في نفس المكلّف عن تلك الارادة الأُولى إرادتان هما من قبيل إرادة الامتثال الاحتمالي ، تتعلّق إحداهما بأحد الفعلين لاحتمال كونه هو الذي تعلّق به ، وأنّه هو المحقّق لما قد رغب فيه العبد من الحصول على تلك الغاية المعلومة وهي امتثال ذلك الأمر المعلوم ، وتتعلّق الأُخرى بالآخر كذلك ، ويكون كلّ من الارادتين والقصدين ناشئاً عن ذلك القصد الأوّلي وهو امتثال ذلك الأمر المعلوم ، ويكون ذلك القصد الأوّلي مستمرّاً مع كلّ من القصدين إلى الفراغ من الفعلين.
وهذا بخلاف ما لو لم يكن عالماً إجمالاً بوجود ذلك الأمر ، بل كان يحتمل وجود أمر متعلّق بصلاة الظهر ، ويحتمل أيضاً وجود أمر متعلّق بصلاة الجمعة مع احتمال عدم وجود أمر أصلاً ، فإنّه أيضاً تنقدح في نفسه إرادة امتثال احتمالي في ناحية صلاة الظهر ، وإرادة امتثال احتمالي في ناحية صلاة الجمعة ، لكنّهما لا تكونان ناشئتين عن إرادة امتثال لأمر قطعي ، إذ لا قطع له بالأمر ، فلو أراد الاطاعة لم يتمكّن إلاّمن هاتين الارادتين الاحتماليتين.
أمّا في صورة العلم الاجمالي فهو متمكّن من الارادة القطعية التي تنقدح في