أحدهما مسبّباً عن الآخر ، بخلاف الأمثلة المذكورة فإنّ باب الحكومة فيها منسدّ ، لما عرفت من كون كلّ من التكليفين فيها في عرض التكليف الآخر.
التقريب الثاني للعلم الاجمالي في باب الملاقي : هو كون الملاقي وحده في قبال الطرف الآخر.
وهذا قد أُجيب عنه هناك بأنّه لا أثر لهذا العلم الاجمالي بين نجاسة الملاقي وطرف أصله ، لأنّ طرف أصله قد تنجّز فيه التكليف من العلم الاجمالي الأوّل المردّد بين الأصل الذي هو الملاقى ـ بالفتح ـ وذلك الطرف ، فيكون ذلك من قبيل ما لو علم إجمالاً بوقوع نجاسة مردّدة بين الاناء الصغير والاناء الكبير ، ثمّ وقعت نجاسة أُخرى مردّدة بين الكبير وطرف ثالث ، فقد حقّق في محلّه (١) أنّه لا أثر للعلم الاجمالي الثاني ، فكذلك مسألة العلم الاجمالي المردّد بين الملاقي وطرف أصله لا أثر له بعد أن كان التكليف منجّزاً في طرف أصله بالعلم الاجمالي السابق المردّد بين الأصل وذلك الطرف. وسقوط هذا العلم الاجمالي بهذا التقريب جارٍ بعينه هنا ، فإنّ العلم الاجمالي المردّد بين التكليف الثاني من ذي التكليفين والتكليف الآخر الذي هو الطرف ، لا يكون منجّزاً ، لأنّه أعني ذلك التكليف الآخر الذي هو في طرف ذي التكليف الواحد ، كان منجّزاً بالعلم الاجمالي السابق المردّد بين التكليف الأوّل من ذي التكليفين وذلك التكليف الآخر الذي هو التكليف في ذي التكليف الواحد.
والحاصل : أنّ عمدة الإشكال إنّما هو في أنّ العلم الاجمالي السابق على حصول الشرط ، الذي كان مردّداً بين التكليف الأوّل من التكليفين والتكليف في الطرف المقابل ، كان متقدّماً زماناً على العلم الاجمالي الحاصل بعد حصول
__________________
(١) راجع ما تقدّم في المجلّد السابع من هذا الكتاب ، الصفحة : ٣٧٠ ـ ٣٧١.