التكليف إذن بين طبيعتين مختلفتين ، غاية الأمر أن يكون أحدهما أقلّ جزءاً من الآخر ، فإنّ ذلك بمجرّده لا يقضي بترجيح الأقل كما لا يخفى. ومداخلة أجزاء أحدهما في الآخر غير مجدٍ فيه ، بعد فرض عدم قضاء الأمر بالكلّ بمطلوبية الجزء إلاّفي ضمنه ، فلا يقين إذن بإرادة الأقل لو أُتي به على انفراده ، كما في غير المشاركين في الجزء ، الخ (١).
وله عبارة قبل هذه يقول فيها : فاشتغال الذمّة حينئذ دائر بين طبيعتين وجوديتين لا يندرج أحدهما في الآخر ، وإن اشتمل الأكثر على أجزاء الأقل ، لما عرفت من عدم الملازمة بين الأمرين الخ.
ولا يخفى أنّ هذه العبائر صريحة في أنّه يريد أن يلحق المسألة بالمتباينين ، ويرى أنّ التكليف بالشيء لا بشرط يباين التكليف به بشرط شيء ، فإنّه قال : فإن قلت : إنّ التكليف بالأكثر في المقام قاض بالتكليف بالأقل في الجملة ، فيصدق ثبوت الاشتغال به على طريق اللاّ بشرط ، وحينئذ فيدور الأمر في الزائد بين البراءة أو الشغل وحصول التكليف وعدمه ، فينفى بالأصل. قلت : ليس التكليف بالأقل ثابتاً على طريق اللاّ بشرط ليكون ثبوت التكليف به على نحو الاطلاق ، بل ثبوته هناك على سبيل الاجمال والدوران بين كونه مطلوباً بذاته أو تبعاً للكل في ضمنه الخ.
والمستفاد من مجموع السؤال والجواب أنّ السائل يريد أن يجعل القدر المشترك بين وجوب الأقل ووجوب الأكثر هو وجوب الأقل لا بشرط المعبّر عنه بالاطلاق لينحلّ العلم الاجمالي ، لأنّ ذلك هو عين كون وجوب الأقل معلوماً بالتفصيل. وهو قدسسره في الجواب يمنع من ذلك ويقول : إنّ القدر المشترك بين
__________________
(١) هداية المسترشدين ٣ : ٥٦٤ ـ ٥٦٥.