الأربعة ، وهذا هو المستفاد من كلمات شيخنا قدسسره في هذا التحرير من قوله : وبتقريب آخر ـ إلى قوله ـ فتحصّل من جميع ما ذكرنا الخ (١).
ولكن لا يخفى أنّ العقاب الذي حكم العقل بقبحه فيما نحن فيه ليس هو على ترك الخامس أو ترك التقيّد به فيما لو أتى بالأربعة مجرّدة عن الخامس ، فإنّ لازم ذلك هو كون وجود الأربعة مسقطاً للوجوب المتعلّق بها ، وبقاء الوجوب المتعلّق بالخامس أو المتعلّق بالتقيّد بالخامس ، وهذا خلاف الفرض من الارتباطية ، فلابدّ أن يكون العقاب الذي حكم العقل بقبحه عند ترك الخامس هو العقاب على ترك الأربعة المقيّدة بالخامس ، وحينئذ نقول عند الوصول إلى مرتبة الفراغ لو جاء المكلّف بالأربعة فقط لا يحكم عليه العقل بلزوم الخامس من جهة كون شغل الذمّة اليقيني يستدعي الفراغ ، لأنّه إنّما يستدعي الفراغ اليقيني تخلّصاً من العقاب المحتمل على ترك الأربعة المقيّدة ، وهذا قد طمأنه العقل بعدم العقاب عليه بقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، فلا يكون المورد حينئذ مورداً لقاعدة شغل الذمّة اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ، وسيأتي إن شاء الله تعالى في بيان جريان البراءة الشرعية ما يزيد ذلك وضوحاً (٢).
قوله : لأنّ العلم باشتغال الذمّة يستدعي العلم بالفراغ ... الخ (٣).
كأنّه يقال : دع عنك العلم الاجمالي ، بدعوى أنّه منحل ، أو بدعوى أنّ أحد طرفيه وهو كون الأربعة لا بشرط لا الزام فيه في قبال ما فيه الالزام وهو كونها بشرط شيء ، إلاّ أن هنا أمراً لا مدفع له وهو العلم ولو إجمالاً بانشغال ذمّته
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ١٦١ ـ ١٦٢.
(٢) راجع الحاشية الآتية في الصفحة : ٢٩٦ وما بعدها.
(٣) فوائد الأُصول ٤ : ١٥٩.