لا يقال : إنّ البراءة إنّما تجري قبل وقوع ما تجري فيه ، أمّا بعد وقوعه فلا مورد فيه للبراءة ، والزيادة السهوية بعد أن وقعت لا محصّل للبراءة عن التقيّد بعدمها.
لأنّا نقول : بعد أن صرفنا البراءة إلى نفس تقيّد المركّب بعدم الزيادة ، كانت البراءة جارية فيه ولو بعد الوقوع ، وأثرها هو عدم وجوب إعادة ذلك المركّب ، ألا ترى أنّه لو صلّى مستدبراً للمصحف مثلاً ثمّ شكّ في مانعية ذلك الاستدبار ، فإنّه تجري البراءة في مانعيته ، ويكون أثرها هو صحّة تلك الصلاة وعدم إعادتها. وهكذا لو صلّى بلا عمامة ، وحصل له الشكّ في كون التعمّم شرطاً ، فإنّه تجري البراءة من شرطيته ، وأثرها هو صحّة ما مضى من صلواته التي كانت بلا تعمّم.
والذي تلخّص ممّا فصّلناه : هو أنّ أصالة البراءة في موارد الشكّ في مانعية الشيء زيادة كان أو غيرها ، حاكمة على استصحاب الصحّة ، وهذا هو الذي أشرنا إلى أنّه لم نعثر على من صرّح به. نعم إنّ ما أفاده شيخنا قدسسره في مقام الردّ على استصحاب الجزء الصوري في موارد الشكّ في قاطعية الشيء بقوله : وأمّا ثالثاً الخ (١) ، كافٍ في التصريح به ، بل إنّ فيه زيادة هي كون الاستصحاب مثبتاً ، فلاحظه وتأمّل فيه ، فإنّ فيه الكفاية فيما أردناه من الحكومة.
ولا يخفى أنّ هذه الجملة ـ أعني حكومة استصحاب الصحّة لو جرى على أصالة البراءة ـ لم أعثر عليها فيما حرّرته عن شيخنا قدسسره في هذا المقام على ما فيه من التطويل ، كما أنّها لم توجد في تحريرات السيّد سلّمه الله في مبحث استصحاب الصحّة من تنبيهات الاستصحاب ، فراجع.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٢٣٦.