ولكن هذا الإشكال هو عين الإشكال في استصحاب الحكم التعليقي ، فإنّك لو أشرت إلى العنب وقلت إنّه لو غلى لتنجّس ، إن كان المشار إليه هو نفس العنب بلا أن يتبدّل إلى الزبيبية ، فهذه القضية متيقّنة أبداً ولا يدخلها الشكّ ، وإن كان المشار إليه هو العنب ولو لحقته الزبيبية لم تكن القضية المذكورة متيقّنة.
ولا يخفى أنّ هذا الإشكال جارٍ فيما لو كان الحكم تخييرياً أيضاً كالحلّية فيقال : إنّ المشار إليه بقولنا هذا حلال ، إن كان هو نفس العنب بلا أن يتبدّل إلى الزبيبية ، كانت القضية المذكورة متيقّنة إلى الأبد ، وإن كان المشار إليه هو الذات وإن تبدّلت صورتها إلى الزبيبية ، فهذه القضية مشكوكة من أوّل الأمر ، ولم تكن متيقّنة في وقت من الأوقات. وهكذا الحال فيما لو علمنا أنّ زيداً غير المرتكب لشيء من الصغيرة والكبيرة يجوز الصلاة خلفه ثمّ إنّه قد ارتكب الصغيرة.
ونظيره فيما نحن فيه من الصحّة غير المعلّقة ما لو كان الزائد في الآخر مثل السلام الثاني ، ومثل مسح الرجل اليسرى ثانياً في باب الوضوء ، فإنّ قولنا تلك الأجزاء السابقة على المسح الثاني للرجل اليسرى كانت صحيحة قبل المسح الثاني ، إن كان المشار إليه هو نفس تلك الأجزاء المجرّدة عن المسح الثاني بقيد تجرّدها عنه ، كانت القضية متيقّنة أبداً ، وإن كان المشار إليه هو الأجزاء المذكورة وإن لحقها المسح الثاني ، كانت القضية مشكوكة من أوّل الأمر ، والسرّ في جميع [ ذلك ] هو أنّ وصف الصحّة مشكوك الموضوع من أوّل الأمر ، هل موضوعه هو الأجزاء لا بشرط ، أو هو الأجزاء بشرط لا.
وإن شئت فقل : إنّ شكّنا لم يكن في بقاء وصف الصحّة ، بل إنّه إنّما يكون في أنّ المجعول له وصف الصحّة هل هو الأجزاء بقيد عدم لحوق الزيادة المذكورة ، سواء كانت في الأوّل كالمضمضة قبل إجراء الوضوء مثلاً ، أو كانت في