نظراً إلى الأصل أعني أصالة البراءة من تقيّد الصلاة بعدم الزيادة ، سواء كانت سهوية أو عمدية جهلية أو تشريعية. وهذا المقدار مسلّم في الجملة لو لم يكن في التشريع جهة أُخرى موجبة للفساد ، وهي ما أشار إليها شيخنا قدسسره بقوله : هذا إذا لم يقصد الامتثال بمجموع الزائد والمزيد فيه ، وإلاّ فلا إشكال في البطلان لعدم قصد امتثال الأمر. وأشار إليه في الكفاية بقوله : نعم لو كان عبادة وأتى به كذلك على نحو لو لم يكن للزائد دخل فيه لما يدعو إليه وجوبه ، لكان باطلاً مطلقاً أو في صورة عدم دخله فيه الخ.
وبالجملة : بعد غض النظر عن الدليل الاجتهادي الدالّ على البطلان بالزيادة العمدية في خصوص الصلاة ، وهو حديث « من زاد في صلاته » الخ ، لكانت الزيادة العمدية الجهلية أو التشريعية غير موجبة للفساد استناداً إلى أصالة البراءة من تقيّد المركّب بعدم تلك الزيادة ، وكلام الكفاية ناظر إلى ذلك ، لأنّ كلامه عام لكلّ مركّب ، ولا خصوصية فيه للصلاة ونحوها ، بل إنّ كلامه يشمل حتّى المركّبات التوصّلية ، ولأجل ذلك قال : نعم لو كان عبادة الخ.
وحينئذ يكون ذلك ـ أعني النظر إلى الجهة العامّة ـ هو عذر صاحب الكفاية في عدم تعرّضه لحديث « من زاد » ومقابلته بحديث « لا تعاد » واستنتاجه من ذلك مبطلية الزيادة العمدية ، فإنّ ذلك كلّه خاصّ بالصلاة من العبادات ، وصاحب الكفاية أراد أن يجعل محلّ نظره في هذا المبحث أُصولياً صرفاً.
ولكن مع ذلك كلّه كان على صاحب الكفاية قدسسره التنبيه على خصوصية باب الصلاة والأدلّة الواردة فيها ، كما صنعه في الجملة في التنبيه الثاني ، لكن الأمر في ذلك سهل لأنّه تحريري لا علمي ، فتأمّل.