فتكون الملاقاة من المقدّمات العقلية لحصول نجاسة الملاقي ووجوب الاجتناب عنه ، كالثمرة الحادثة بالنسبة إلى الشجرة المغصوبة ، فلا يكون تأخّر الحكم المذكور منافياً لكون الملاقى تمام الموضوع. كما أنّ الغرض من كونها بالملاقاة أنّها ـ أي الملاقاة ـ تكون جزء الموضوع ، والجزء الآخر هو النجس الملاقى ، فلا يكون ذلك منافياً لكون ذلك من قبيل السببي والمسبّبي وكون الأصل في الملاقى حاكماً على الأصل الجاري في الملاقي ، إذ يكفي في ذلك كون نجاسة الملاقى جزء الموضوع لنجاسة الملاقي ، ولا تتوقّف الحكومة المذكورة على كون مجرى الأصل الأوّل تمام الموضوع لمجرى الأصل الثاني.
ثمّ قال قدسسره فيما حرّرته عنه ما هذا لفظه : ثمّ إنّا قد حقّقنا في محلّه أنّه لا يعقل تأخّر الشرط عن وجود مشروطه ، وأبطلنا الشرط المتأخّر ، وبسبب ذلك ربما يشكل علينا بأنّه بعد البناء على عدم معقولية تقدّم الحكم على موضوعه وشرطه ، كيف قلتم إنّ وجوب الاجتناب عن ملاقي النجس يثبت للنجس قبل حصول متعلّقه وهو ملاقي النجس.
والجواب : أنّ وجوب الاجتناب الثابت للنجس لم يكن مقيّداً ومشروطاً شرعاً بملاقي النجس. نعم لمّا كان محصّل وجوب الاجتناب عن النجس بناءً على السراية والاتّساع هو الاجتناب عنه وعن فروعه ، لم يتحقّق الخطاب بالاجتناب عن ذلك الملاقي إلاّبعد وجود الملاقي ، من جهة حكم العقل بتوقّف تحقّق ذلك الخطاب على تحقّق موضوعه ، لا بمعنى أنّ هناك حكمين أحدهما للنجس والآخر لملاقيه ، بل بمعنى أنّه ليس لنا إلاّحكم واحد وارد على النجس ، وهذا النجس تتّسع دائرته بواسطة تعدّد ملاقيه ، والحكم في محلّه على وحدته لم يحصل له تعدّد وكثرة.