أنّه ليس للأمر الضمني قدرة على حدة حتّى يكون مطلقاً أو مقيّداً بالقياس إليها.
الثاني : إطلاق نفس الجزئية ، بدعوى أنّها وإن كانت انتزاعية إلاّ أنها لا تخرج بذلك عن كونها حكماً شرعياً قابلاً للاطلاق والتقييد. وفيه تأمّل ، لأنّها وإن سلّمنا أنّها من الأحكام الوضعية الشرعية ، إلاّ أنها لمّا كانت منتزعة عن التكليف فهي تابعة في الاطلاق والتقييد لمنشأ انتزاعها ، فلا يعقل سقوط منشأ انتزاعها مع بقائها بحالها.
الثالث : إطلاق الأمر بالمجموع إطلاقاً ملاكياً ، وإن سقط خطاباً بواسطة عدم القدرة على بعض أجزائه ، وهذا الاطلاق الملاكي كاشف عن عدم اشتمال الفاقد على الملاك ، فيكشف عن عدم وجوب الباقي.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّه لمّا كان مشتملاً على الملاك في الجملة ولو بعضه ، كان ذلك الملاك كافياً في وجوبه وإن لم يكن وافياً بتمام الملاك ، لكن فيه تأمّل ، فراجع ما حرّرناه في باب اقتضاء الأوامر الاضطرارية للإجزاء (١).
هذا كلّه لو لم يكن في البين مثل قولهم عليهمالسلام : « لا صلاة إلاّبطهور » (٢) ممّا يدلّ على توقّف الملاك على وجود ذلك القيد أو ذلك الجزء ، وإلاّ كان مثل هذا الدليل دليلاً اجتهادياً على أنّ الأمر بالصلاة ليس له إلاّمرتبة واحدة ، وأنّ الصلاة عند تعذّر ذلك القيد ساقطة ، فلا يبقى مجال للرجوع إلى أصل البراءة ولا الاشتغال ولا لقاعدة الميسور أو الاستصحاب.
ومع هذا كلّه فالمسألة غير خالية من الإشكال ، فإنّا في باب الجزئية
__________________
(١) راجع الحاشية المفصّلة المتقدّمة في المجلّد الثاني من هذا الكتاب في الصفحة : ٣٥٦ وما بعدها ، وكذا راجع الصفحة : ٣٩٥ وما بعدها من المجلّد نفسه.
(٢) وسائل الشيعة ١ : ٣٦٥ / أبواب الوضوء ب ١ ح ١.