نعم ، لو قلنا إنّ الجزئية والشرطية مجعولة بنفسها ، صحّ انقسامها إلى هذه الأقسام ، أمّا بعد أن قلنا إنّها غير مجعولة ، وأنّ المجعول هو منشأ انتزاعها وهو ذلك التكليف النفسي الضمني ، فلا محيص من القول بأنّ القابل للاطلاق والتقييد هو منشأ انتزاعها ، في قبال إطلاق نفس الأمر بالأصل وإهماله على ما مرّ من الأقسام الأربعة (١)
__________________
(١) [ وجدنا هنا ورقة منفصلة لم يتّضح لنا موضعها بالدقّة ، ارتأينا إدراجها في الهامش ].
قال في الكفاية ] : ٣٦٩ ـ ٣٧٠ ] : الرابع أنّه لو علم بجزئية شيء ، أو شرطيته في الجملة ، ودار الأمر بين أن يكون جزءاً أو شرطاً مطلقاً ولو في حال العجز عنه ، وبين أن يكون جزءاً أو شرطاً في خصوص حال التمكّن منه ، فيسقط الأمر بالعجز عنه على الأوّل ، لعدم القدرة حينئذ على المأمور به ، لا على الثاني ، فيبقى متعلّقاً بالباقي ، ولم يكن هناك ما يعيّن أحد الأمرين من إطلاق دليل اعتباره جزءاً أو شرطاً ، أو إطلاق دليل المأمور به ، مع إجمال دليل اعتباره أو إهماله ، لاستقلّ العقل بالبراءة عن الباقي ، فإنّ العقاب على تركه بلا بيان والمؤاخذة عليه بلا برهان ـ إلى أن قال ـ نعم ربما يقال بأنّ قضية الاستصحاب في بعض الصور وجوب الباقي ـ إلى أن قال ـ كما أنّ وجوب الباقي في الجملة ربما قيل بكونه مقتضى ما يستفاد من قوله صلىاللهعليهوآله : إذا أمرتكم الخ [ عوالي اللآلي ٤ : ٥٨ / ٢٠٦ ( مع اختلاف يسير ) ، بحار الأنوار ٢٢ : ٣١ ].
فجعل مورد الاستصحاب وقاعدة الميسور بعد البراءة منحصراً بصورة الاجمال ، وقال شيخنا قدسسره في هذه الصورة بالبراءة ، إلاّ إذا قلنا بجريان الاستصحاب. وقال شيخنا قدسسره في صورة إطلاق دليل التقييد إنّ مقتضاها سقوط الباقي ، إلاّ أن يثبت وجوبه بأمر آخر من أصل أو قاعدة على ما سيأتي ، وزاد على هذه الصور الأربع ما إذا كانت الجزئية مستفادة من تعلّق الأمر بالمركّب ، وأنّ حكمها هو السقوط عند تعذّر بعض الأجزاء ، إلاّ إذا كان هناك أمر آخر يتعلّق بالباقي بعد سقوط الأمر الأوّل ، وسيأتي البحث عنه في