فإنّ هذا الأمر على تقدير اعتباره لا ربط له في التسامح في القيد ، وأنّه بحسب النظر العرفي ليس من قبيل العنوان.
قوله : وإجماله أنّ الوصف العنواني الذي أُخذ موضوعاً في ظاهر الدليل ـ إلى قوله ـ وأُخرى يكون معرّفاً ... الخ (١).
وذلك كما لو قال : أكرم هؤلاء الذين في المسجد ، فإنّ هذا العنوان معرّف على وجه لو خرجوا من المسجد لكان إكرامهم واجباً أيضاً ، ولكن هذه المسامحة لا دخل لها بما نحن فيه ، كما أنّ كون العنوان علّة أو كونه موضوعاً لا دخل له فيما نحن فيه ، بل إنّ المسامحة فيما نحن فيه من طريق آخر نظير مسألة كرّية الماء ، فالمستصحب هو الوجوب الوارد على الكل ، وذهاب بعض الأجزاء كذهاب بعض أجزاء الماء الذي كان مجموعه كرّاً في صحّة التسامح ، وإطلاق القول بأنّ هذا المركّب كان واجباً كاطلاق القول بأنّ هذا الماء كان كرّاً ، هذا أحد تقريبات إجراء الاستصحاب ، وله تقريبات أُخر ذكرت في التنبيه الثالث عشر من تنبيهات الاستصحاب (٢) ، منها : استصحاب وجوب الأجزاء المتيسّرة حينما كانت في ضمن الكل ، بالتسامح بين الوجوب الضمني الذي كان لها في ضمن الجميع والوجوب النفسي لها حينما تعذّر بعض ذلك الجميع ، بدعوى كون النظر العرفي هو وحدة الوجوب ، إلى غير ذلك من التوجيهات المبنية على تسامح عرفي خارج عن التسامح في كون العنوان معرّفاً ، أو كونه علّة وواسطة ومن الجهات التعليلية ، فلاحظ وتأمّل.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٢٥٩.
(٢) راجع الهامش (٤) المتقدّم في الصفحة السابقة.