القسم الأوّل وإن لم يكن من سنخ حكم الأصل ، بل كان مثل وجوب الاحراق أو وجوب التصدّق ، إلاّ أن نجاسة الأصل من أجزاء موضوعه ، فتكون سبباً شرعياً في ذلك الحكم ، كما هو الحال في القسم الثاني ، اللهمّ إلاّ أن يكون المراد هو السببية التكوينية ، فتأمّل.
قوله : ثالثها : في أنّ العلم الحاصل بمعلول شيء ... الخ (١).
محصّله : أنّ الانتقال تارةً يكون من العلّة إلى المعلول ، وأُخرى بالعكس ، وثالثة يكون العلم بكلّ من المعلول والعلّة حاصلاً دفعة واحدة من سبب ثالث أوجب العلم كإخبار معصوم ، وحينئذ فأيّ العلمين سبق كان المؤثّر ، ولو اجتمعا أثّرا معاً.
ولا يخفى أنّ هذا التقسيم لا يختصّ بكون أحد المعلومين معلولاً للآخر وفي طوله ، بل يجري في العرضيين ، كما إذا كانا معلولين لعلّة ثالثة ولو كانت العلّية اتّفاقية ، فإنّه تارةً يكون الانتقال من أحد المعلولين إلى الآخر ، وتارةً يكون الانتقال من العلّة إليهما معاً ، كما لو كان إناء زيد بجنب إناء خالد ، وكان إناء عمرو بعيداً عنهما في الجملة ، على وجه لو وقعت نجاسة على إناء زيد كانت واقعة عليهما معاً ، فهو تارةً يعلم بوقوع النجاسة في إناء زيد وينتقل من ذلك إلى العلم بنجاسة إناء خالد أيضاً ، وتارةً بالعكس ، وثالثة يحصل له العلم الدفعي بنجاستهما معاً ، بل يكون الانتقال من أحد المعلولين إلى الآخر أبعد مسافة من الانتقال عن العلّة إلى المعلول أو بالعكس ، لأنّ العلم بأحد المعلولين ينتقل إلى العلم بالعلّة ، وعن العلم بها يحصل الانتقال إلى المعلول الآخر ، ويكون المدار في ذلك كلّه على التقدّم الرتبي لا الزماني حتّى في العلّة والمعلول ، فإنّ محصّل الانتقال من
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٢٤٨.