محلّ تأمّل. ودعوى أنّ مقتضى حجّية الأمارة هو المنع من الأخذ بالاحتمال المذكور ، ممنوعة جدّاً.
أمّا أوّلاً : فلأنّها إنّما تمنع من الأخذ باحتمال الخلاف فيها ، وليس ذلك إلاّ الأخذ باحتمال عدم وجوب ما قامت الأمارة على وجوبه ، لا الأخذ باحتمال وجوب غيره ، اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّه بالنظر إلى العلم الاجمالي بوجوب إحدى الفريضتين يكون قيام الأمارة على أنّها هي الجمعة نافياً لكونها صلاة الظهر.
وأمّا ثانياً : فلأنّ هذا المنع لا ينافي الاحتياط لأجل الاحتمال المذكور. وبعبارة [ أُخرى ] أنّ حجّية الأمارة القائمة على وجوب صلاة الجمعة إنّما ينفي ويمنع من البناء على وجوب صلاة الظهر ، أمّا الاتيان بصلاة الظهر لأجل الاحتمال الوجداني من باب الاحتياط فلا يكون دليل الحجّية مانعاً منه.
وأمّا ثالثاً : فلما هو محقّق في محلّه من عدم تعرّض دليل الأمارة لأزيد من جعل الحجّية لها ، وليس في البين نهي شرعي عن الأخذ بخلاف مضمونها. نعم بعد فرض كونها حجّة شرعية يكون العقل حاكماً بلزوم تطبيق العمل على طبقها ، وأين ذلك من الحكم الشرعي بالمنع من الأخذ بخلاف مؤدّاها من باب الاحتياط مع فرض أنّه يأتي بمؤدّاها بعد ذلك.
وأمّا رابعاً : فلأنّ ذلك لو كان مانعاً لكان مانعاً منه حتّى بعد الاتيان بمؤدّاها ، وما أُفيد ـ على ما في تحريراتي ـ من أنّه بعد الاتيان بمؤدّى الأمارة يكون حكمها ساقطاً ، فلا مانع من الجري على طبق ذلك الاحتمال الاحتياطي ، يمكن الخدشة فيه ، لأنّا إذا فرضنا أنّ الأمارة مانعة شرعاً من الجري على خلاف مؤدّاها ، يكون هذا المنع باقياً حتّى بعد سقوط الأمر بمؤدّاها ، لأنّها على هذا