التفصيلية إنّما يكون مسوقاً للبحث عن تصحيح الاحتياط في الموارد التي يكون التردّد فيها بين الوجوب وعدمه ، سواء كان ذلك بالنسبة إلى تمام العمل أو كان بالنسبة إلى بعض أجزائه ، وسواء كان ذلك مقروناً بالعلم الاجمالي أو كان شبهة بدوية ، وأمّا التردّد في العمل بين الاستحباب وعدمه فهو من ذيول هذه المسألة ولواحقها ، فراجع ما حرّرناه عنه قدسسره في هذه المسائل وما علّقناه على ذلك التحرير في هذا المقام وفي مباحث القطع (١).
قوله : وأمّا إذا كانت غير محرزة كالأُصول الغير التنزيلية ... الخ (٢).
كما لو فرض أنّ أحد الفعلين المعلوم وجوب أحدهما بالاجمال مجرى لأصالة الاشتغال ، والآخر مجرى للأصل النافي ، كما لو كان بعد المغرب وعلم بأنّه إمّا لم يصلّ المغرب أو أنّه قد فاتته صلاة العصر ، فإنّ عليه أن يأتي بالمغرب لأصالة الاشتغال ، ولا يجب عليه قضاء العصر لكون الشكّ فيها بعد الوقت ، لكن لا مانع من الاتيان بها احتياطاً قبل المغرب أو بعدها. بل قد يقال : إنّ الأولى الاتيان بها قبل المغرب ، نظراً إلى أنّ فائتة اليوم يقدّم قضاؤها على الحاضرة ، بل ربما نقول بوجوب التقديم حتّى لو كان المثبت لبقاء المغرب الاستصحاب أو البيّنة ونحوها ، فتأمّل فإنّ هذا التقديم إنّما هو فيما لو كان كلّ منهما قد فاته ، بحيث إنّه لم يصلّ العصر كما أنّه إلى الآن لم يصلّ المغرب ، أمّا لو كان الفائت هو أحدهما فلا يتأتّى التقديم المذكور ، لأنّه إنّما يحتاج في الاتيان بالعصر لاحتمال أنّها هي الفائتة دون المغرب ، وعلى هذا التقدير يكون قد قدّم المغرب وأخلّ
__________________
(١) الظاهر أنّه قدسسره يقصد بذلك تحريراته المخطوطة عن شيخه قدسسره ، وعلى أيّ حال راجع حواشيه قدسسره في المجلّد السادس من هذا الكتاب : ١٦٦ وما بعدها.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٢٦٦.