ولكن قد حرّرنا في مباحث القطع (١) أنّ ذلك قابل للتأمّل ، فإنّه بعد فرض كون الاطاعة التفصيلية التي هي عبارة عن الانبعاث عن الأمر المعلوم مأخوذة في حقيقة العبادة إلاّبعد تعذّر ذلك ، يكون هذا المعنى موجباً لسقوط الاحتياط في جميع هذه الموارد إلاّبعد تعذّر الاطاعة التفصيلية. وكون الحكم غير إلزامي أو كون الشبهة لا يجب فيها الفحص ، لا يكون موجباً لصحّة الاحتياط فيها عند التمكّن من الاطاعة التفصيلية ، أمّا الأوّل فلأنّ كون الحكم غير الزامي إنّما ينفع في عدم لزوم الاحتياط لا في صحّته مع فرض التمكّن من الاطاعة التفصيلية. ومنه يظهر الحال في الثاني ، لأنّ عدم وجوب الفحص في الشبهة الوجوبية الموضوعية إنّما هو عبارة أُخرى عن أنّه عند عدم الفحص يكون الرجوع إلى البراءة جائزاً ، ولا يجب الاحتياط قبله ، في قبال الشبهة الوجوبية الحكمية قبل الفحص لأنّه يجب الاحتياط فيها ، ولا يجوز الرجوع إلى البراءة إلاّبعد الفحص ، وهذا لا دخل له بجواز الاحتياط مع التمكّن من الاطاعة التفصيلية ، هذا.
ولكن الموجود في تحرير السيّد سلّمه الله خلاف [ ذلك ] وأنّ الأقوى هو سقوط الاحتياط الموجب للتكرار في مورد الشبهة غير الالزامية ، وإن جوّزه فيما لا يتوقّف على التكرار ، فراجعه ص ٣٢١ (٢) وراجع ما حرّرته عنه قدسسره (٣) في هذا المقام فإنّه مخالف لهذا التحرير ، ولعلّه لأجل أنّه من الدورة السابقة على ما حرّرناه.
__________________
(١) راجع المجلّد السادس من هذا الكتاب ، الصفحة : ١٨٦ وما بعدها ، وكذا الصفحة : ١٩٩ ـ ٢٠٠.
(٢) أجود التقريرات ٣ : ٥٤٦ ـ ٥٤٧.
(٣) [ مخطوط لم يطبع بعدُ ].