لماعرفت من أنّ المبنى هو عدم انحلال العلم الاجمالي المعلّم إلى العلم التفصيلي ، فكيف ينحلّ إلى العلم الاجمالي. وثانياً : أنّا لو سلّمنا الانحلال المذكور ـ كما هو مسلّم ـ سقط العلم المعلّم بالعلامة الخاصّة ، وبقينا نحن والعلم الاجمالي الثاني المنحلّ إليه ، وهو المعبّر عنه بالعلم الصغير ، والمعلوم في هذا العلم الصغير لم يكن معلّماً بعلامة.
ثمّ لا يخفى أنّك قد عرفت أنّ كون المعلوم بالعلم الأوّل معلّماً بعلامة خاصّة أعني كون تلك الأُصول النافية لها مخالفات موجودة في الكتب ، عبارة أُخرى عن أنّ جميع ما قد صدر من صاحب الشريعة المطهّرة صلىاللهعليهوآله موجود في الكتب التي بأيدينا ، وهو لا يخلو عن مجازفة ، وهذا هو الإشكال الأوّل الذي أفاده في الردّ على دعوى تقييد العلم المذكور بالقيد المزبور ، أعني كونه لو تفحّص لعثر عليه ، فقال : فدعوى اختصاص أطراف العلم الاجمالي بالوقائع المتمكّن من الوصول إلى مداركها مجازفة (١).
والظاهر أنّه لا مدفع لهذا الإشكال الذي أفاده الشيخ قدسسره ، وليس المراد من الإشكال المزبور هو أنّا نعلم بوجود أحكام غير ما تضمّنته الكتب التي بأيدينا كما ربما توهّمه محرّر درس الأُستاذ العراقي بقوله : كما أنّ توهّم زيادة المعلوم بالاجمال الخ (٢) ، كي يقال في جوابه إنّا لا نعلم بذلك ، بل المراد هو أنّ تلك التكاليف الواقعية التي نعلم إجمالاً أنّها صدرت من صاحب الشريعة صلىاللهعليهوآله ، لا طريق لنا إلى العلم بأنّها جميعاً موجودة فيما بأيدينا من الكتب ، على وجه لو تفحّصنا عنها في الكتب لوجدناها ، كي يترتّب عليه أنّا لو تفحّصنا عن حكم في
__________________
(١) فرائد الأُصول ٢ : ٤١٥.
(٢) نهاية الأفكار ٣ : ٤٧١.