الأحكام الموجودة فيما بأيدينا من الكتب الخ (١) ، فإنّ العلم بالأحكام الموجودة فيما بأيدينا من الكتب ليس من قبيل ذي العلامة الخاصّة ، إذ ليس هو إلاّكالعلم بوجود محرّمات في هذا القطيع ، بل هو شيء آخر.
وتوضيحه : هو أنّ لنا وقائع كثيرة هي في حدّ نفسها مجرى للأُصول النافية ، وهذه الأُصول الجارية في تلك الوقائع نعلم إجمالاً أنّ الكثير منها مخالف للواقع ، وأنّها موارد لتكاليف هي موجودة فيما بأيدينا من الكتب ، بحيث إنّا لو تفحّصنا عنه فيها لعثرنا عليه ، ففي الحقيقة أنّ هذا هو العلم الاجمالي الكبير ، غير أنّا قيّدنا المعلوم فيه بما يكون بيانه موجوداً فيما لدينا من الكتب ، على وجه لو تفحّصنا عنه فيها لعثرنا عليه ، وبذلك صار المعلوم الاجمالي معلّماً بهذه العلامة الخاصّة ، وذلك هو الذي أوجب عدم انحلاله إلى الأقل والأكثر ، وبه يندفع الإشكال الأوّل وهو أنّه لو انحلّ ذلك العلم الاجمالي إلى العلم التفصيلي بالعثور في تلك الكتب فاللازم هو سقوط الفحص بعد الانحلال المذكور ، فكان الجواب عن الإشكال الأوّل هو منع الانحلال المذكور ، وبقاء العلم الاجمالي المعلّم بالعلامة المذكورة بحاله.
وبه أيضاً يتّضح الجواب عن الإشكال الثاني ، وهو أنّه لو تفحّص ولم يجد كان العلم الاجمالي الباقي بحاله مانعاً عن إجراء البراءة ، فكان الجواب عن هذا الإشكال الثاني هو أنّه لمّا كان المعلوم الاجمالي معلّماً بتلك العلامة الخاصّة ، فبعد الفحص وعدم العثور نستكشف أنّ المورد ليس من ذلك المعلوم الاجمالي ، فلا يبقى مانع من الرجوع إلى البراءة فيه.
وأمّا ما أُفيد من الجواب عنه بالانحلال المذكور فيمكن التأمّل فيه أوّلاً :
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٢٨٠.