ولا يخفى أنّه ليس المقام مقام القضية الحقيقية ، لأنّ ذلك إنّما يكون فيما لو كان العنوان المردّد الأفراد بين الأقل والأكثر هو موضوع ذلك الحكم ، كما في حرمة إكرام الفاسق ، بل وكما فيما لو نهى المولى عن الشرب من إناء زيد ، وقد عرفت أنّ المعلوم الاجمالي المعلّم بعلامة خاصّة لابدّ فيه أن تكون تلك العلامة الخاصّة أجنبية عن موضوع الحكم ، بل لا يكون إلاّمن محض التعريف والاشارة إلى ما قد وجد من مصاديق موضوع ذلك الحكم ، مثل موطوء الانسان الموجود في هذه الغنم عند الاشارة إليه بأنّه البيض ، فإنّ محصّله هو أنّه قد وجد في هذا القطيع أفراد من المحرّم الذي هو موطوء الإنسان ، وهو القسم البيض منه ، وحينئذ لا تكون القضية إلاّقضية خارجية ، ولا يكون المحرّم المنجّز إلاّهو تمام تلك الأفراد الموجودة التي أُشير إليها بأنّها البيض ، وليس في هذه المرحلة أقلّ وأكثر ، بل هي مرحلة وجود وتحقّق وإشارة إلى ما هو موجود ومحقّق على ما عرفت الوجه فيه ، ألا ترى أنّه لو كانت تلك البيض منعزلة وقد علمنا بحرمتها جميعاً ، ففي هذه الحالة ـ أعني حالة الانعزال ـ لا أقل ولا أكثر ولا تردّد بينهما في التكليف المحقّق ، فلو اتّفق أن اختلطت تلك البيض بباقي الغنم التي يعلم أنّها حلال ، فقد اختلط ما هو بتمامه حرام بما هو بتمامه حلال ، فهل تجري هناك مسألة الأقل والأكثر؟ كلاّ ، وهكذا الحال لو لم تكن المنعزلة بيضاً ، إذ يكفي في كونها معلّمة هو الاشارة إليها بما كان منعزلاً عن باقي الغنم.
ثمّ إنّه ربما يورد على شيخنا قدسسره بأنّ العلم الاجمالي إنّما يؤثّر من جهة تعارض الأُصول على ما هو مبناه قدسسره ، ولا ريب أنّه بعد العثور على مقدار المعلوم بالاجمال لا تكون الأُصول متعارضة في الباقي ، فلا مانع من جريانها.
والجواب : أنّ شيخنا قدسسره لا يدّعي بقاء العلم بعد العثور المذكور كي يتوجّه