وفيه ما لا يخفى ، فلأنّ عمدة الكلام إنّما هو في وجوب التعلّم قبل وقت الواجب مثلاً ، وهذا لا يتأتّى فيه مسألة الامتناع بالاختيار ، فلابدّ من القول بأنّ إيجاب التعلّم طريقي مخافة الوقوع في مخالفة التكاليف في وقتها ، ومجرّد إيجابه النفسي قبل ذلك لا يكون مصحّحاً للعقاب على مخالفة التكاليف في وقتها من دون فرق في ذلك بين أدائه إلى الجهل والغفلة أو إلى الشكّ ، فلا يكون ذلك الوجوب إلاّطريقياً ، غايته أنّه من باب متمّم الجعل ، لأنّ التكاليف في حدّ نفسها لا يكون مجرّد جعلها وافياً بالحصول عليها في مقام الجهل ، وحينئذ فيكون حال إيجاب التعلّم حال إيجاب الاحتياط في مثل باب الدماء والفروج ، وسيأتي إن شاء الله تعالى (١) أنّه لا يكون موجباً لاستحقاق العقاب على مخالفته بنفسه ، بل هو لا يكون إلاّطريقياً صرفاً منجّزاً للواقع إن أصابه ، ولا يكون العقاب إلاّعلى مخالفة ذلك الواقع لو أصابه ، وفي مورد عدم الاصابة لا يكون إلاّ التجرّي كما هو الشأن في جميع الأوامر الطريقية.
قوله : وينبغي أوّلاً أن يعلم أنّ مناط وجوب التعلّم والاحتياط غير مناط وجوب حفظ القدرة أو تحصيلها ... الخ (٢).
لا يخفى أنّ الذي يمكن أن يقاس بالمقدّمات المفوّتة إنّما هو التعلّم ، لأنّ تركه في ظرفه يكون موجباً لعدم القدرة على امتثال الحكم في ظرفه ، فيكون نظير ترك الخروج مع الرفقة في كونه موجباً لعدم القدرة على أفعال الحجّ في ظرفه ، أمّا الاحتياط فلا ينبغي أن يتوهّم أحد أنّه من هذا القبيل.
__________________
(١) في الصفحة : ٥٣٧ وما بعدها.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٢٨١.