قوله : ويستحقّ التارك العقاب على تفويت الواجب من زمان ترك المقدّمة ، إذ بتركها يفوت الواجب لا محالة ، ويمتنع عليه بالاختيار ، ويصدق أنّه فات منه الواجب وإن كان بعد لم يتحقّق زمانه لكونه مشروطاً بزمان متأخّر ... الخ (١).
فيه تأمّل ، إذ لم يتّضح الوجه في استحقاق العقاب على مخالفة الواجب بترك مقدّمته مع فرض كونه مشروطاً بشرط لم يحصل بعد. نعم بعد مجيء زمانه يستحقّ العقاب ، فإنّه وإن لم يكن مقدوراً في ذلك الزمان ، إلاّ أنه لمّا كان ذلك بسوء اختياره ، لم يكن ذلك موجباً لمعذوريته.
وقد حرّرت عنه قدسسره ما نصّه : أنّه لا شبهة في أنّه لو ترك المقدّمات المفوّتة كالمسير بالنسبة إلى أفعال الحجّ ، يكون مجرّد ترك المقدّمات في وقتها موجباً لسلب القدرة على الواجب في وقته وتحقّق العصيان بالنسبة [ إليه ] وإن لم يحصل وقته بعد ، ولذلك لو أقدم هذا التارك للمسير على فعل بعض المستحبّات في وقت موقف عرفة ، لا يكون صحّة تلك المستحبّات وعدم صحّتها متفرّعاً على كون الأمر بالشيء مقتضياً للنهي عن ضدّه ، بل يحكمون بصحّتها حتّى على القول بالاقتضاء ، وذلك كاشف عن سقوط الأمر بمجرّد ترك المسير ، لحصول العصيان بتركه ، انتهى.
قلت : لا يخفى أنّ ذلك لا يكشف عن كون السقوط بالعصيان حاصلاً من حين ترك المسير ، بل لعلّ السقوط والعصيان لم يكونا حاصلين إلاّعند تحقّق ظرف ذلك الواجب الذي هو أفعال الحجّ ، ومسألة الضدّ إنّما تتأتّى فيما لم يكن ذلك الواجب ساقطاً في ظرفه بالعصيان المفروض فيه عدم التمكّن من الاطاعة
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٢٨٢.