قوله في المقالة : وحينئذ فما عن شيخنا العلاّمة من جعل المدار على الأصل المسبّبي بقول مطلق ، لا يناسب مع علّية العلم للتنجّز حتّى بالنسبة إلى الموافقة القطعية ، اللهمّ [ إلاّ ] أن يجعل مبنى كلامه هذا على اقتضاء العلم اللاحق للتنجّز ولو في المعلوم السابق ذاتاً ، ولو بخيال أنّ العلم الطريقي الملحوظ بالنظر المرآتي عين معلومه ، فقهراً سبق معلومه يسري إليه حسب سراية صفات المرئي إلى المرآة ، فيصير علمه بهذا النظر أيضاً سابقاً على المعلوم الآخر ... الخ (١).
لا يخفى أنّ الشيخ قدسسره لم ينصّ إلاّعلى الصورة الأُولى ، وهي ما لو علم النجاسة بين الاناءين ثمّ علم بملاقاة الثوب لإناء زيد ، فأفاد أنّ قاعدة الطهارة في الثوب بلا معارض. وقال في أواخر المبحث بعد أن أفاد وجوب الاجتناب عن الملاقي ـ بالكسر ـ فيما لو لاقى الآخر ثوب آخر لتعارض قاعدة الطهارة في الثوبين ، وأنّه لو فقد الملاقى ـ بالفتح ـ ثمّ حصل العلم بالملاقاة ، سقطت قاعدة الطهارة في الثوب بالمعارضة مع الاناء الباقي : فمحصّل ما ذكرنا أنّ العبرة في حكم الملاقي بكون أصالة طهارته سليمة أو معارضة (٢) ، ثمّ ذكر أنّه لو كان فقد الملاقى ـ بالفتح ـ بعد العلم الاجمالي ، فالظاهر طهارة الملاقي ـ بالكسر ـ ووجوب الاجتناب عن الإناء الآخر الباقي.
ومن ذلك يظهر أنّ كلامه ناظر إلى أنّ المانع هو تعارض الأُصول ، لا إلى أنّ العلم الطريقي المتقدّم معلومه يكون تنجّزه متقدّماً عليه ، فإنّ ذلك إنّما نحتاج إليه في الصورة الثانية أو الثالثة ، وهو قدسسره لم يتعرّض لهاتين الصورتين ، وإنّما تعرّض
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٢٥٠.
(٢) فرائد الأُصول ٢ : ٢٤٤.