مردّدة بينه وبين إناء زيد ، وقد يكون حكمياً بأن يحكم العقل بلزوم الاجتناب عن إناء عمرو ، لكونه طرفاً للعلم الاجمالي بالنجاسة المردّدة بينه وبين إناء زيد ، ثمّ يحصل العلم الاجمالي بين إناء عمرو وإناء خالد ، فذلك الحكم العقلي بوجوب الاجتناب عن إناء عمرو يكون موجباً لعدم تأثير العلم الاجمالي الثاني ، فيكون بحكم الانحلال ، وفي صورة العكس ينكشف أنّه بحكم الانحلال.
والشاهد على ذلك أنّه لو كان المتأخّر هو العلم التفصيلي بأنّ إناء عمرو كان متنجّساً قبل حصول العلم الاجمالي بالنجاسة المردّدة بينه وبين إناء زيد ، وهكذا الحال فيما لو كانت البيّنة قائمة مقام العلم التفصيلي المذكور ، فإنّه لا ينبغي الريب في انحلال العلم الاجمالي السابق بذلك ، غايته أنّه في صورة العلم التفصيلي يكون الانحلال حقيقياً كما شرحناه ، وفي صورة قيام البيّنة يكون الانحلال حكمياً ، لكونه بواسطة حكم الشارع بحجّية البيّنة ، وفي صورة تأخّر العلم الاجمالي يكون الانحلال بحكم العقل.
لا يقال : إنّ الفرق بين قيام البيّنة وبين العلم الاجمالي واضح ، لأنّ البيّنة تكشف عن أنّ العلم المردّد بين الإناءين لم يكن علماً بتكليف على كلّ حال ، بخلاف العلم الاجمالي اللاحق ، فإنّه لا يكشف عن أنّ إناء عمرو لم يكن قد تنجّز وجوب الاجتناب فيه ، لأنّه قد تنجّز بالوجدان بواسطة العلم الاجمالي السابق.
لأنّا نقول : بالعلم الثاني ينكشف أنّ العلم الاجمالي السابق لم يكن علماً بحدوث وجوب الاجتناب على كلّ تقدير ، وبذلك يكون العلم الاجمالي الثاني موجباً لتبدّل العلم الاجمالي الأوّل من كونه علماً بتوجّه وجوب الاجتناب على كلّ تقدير إلى احتمال توجّه وجوب جديد ، فلاحظ وتأمّل.