والآن زال اعتقادي بذلك ، لأنّي أحتمل فعلاً أنّها لم تؤثّر ، هذا.
ولكن هناك جهة أُخرى ، وهي أنّ هذا المكلّف وإن حصل له الشكّ فعلاً في أنّ تلك النجاسة الثانية التي علمها أوّلاً بين إناء خالد وإناء عمرو قد أثّرت على كلّ حال ، لكنّه فعلاً إذا قابل بين إناء خالد وإناء عمرو يرى ويعتقد أنّه إمّا أن يجب عليه الاجتناب عن إناء خالد أو عن إناء عمرو ، غايته أنّه لو كان الأوّل يكون حدوثاً قطعاً ، ولو كان الثاني يكون الوجوب أعمّ من الحدوث والبقاء ، فإنّ تلك النجاسة التي وقعت ثانية إن كانت في إناء خالد فقد حدث وجوب الاجتناب عنه ، وإن كانت في إناء عمرو فهو أيضاً يجب الاجتناب عنه حدوثاً إن لم تكن السابقة واقعة فيه ، أو بقاء إن كانت السابقة واقعة فيه ، فيلزمه الاجتناب عنهما. وإذا تأمّل بين إناء زيد وإناء عمرو يرى أنّه بالأمس توجّه إليه وجوب الاجتناب عن أحدهما ، وهذا العلم ـ أعني علمه الآن بأنّه قد توجّه إليه بالأمس وجوب الاجتناب عن أحدهما ـ باقٍ بحاله لم يتغيّر ، غايته أنّه يحتمل أنّ إناء عمرو قد زاد على ذلك ، بأن وقعت فيه نجاسة أُخرى ، وهذا الاحتمال لا يضرّ بتنجيز ذلك العلم ، بل إنّه يزيد في الطين بلّة ، وحينئذ يلزمه الاجتناب عن الثلاثة.
لكن هذا التقريب جارٍ فيما لو وقعت نجاسة بين إناء زيد وإناء عمرو وعلم بها المكلّف ، ثمّ علم بأنّ نجاسة ثانية وقعت بعد الأُولى إمّا في إناء خالد أو في إناء عمرو ، وهذه الثانية وإن لم يعلم بأنّها مؤثّرة على كلّ حال ، إلاّ أنه تجري فيه المقابلة المذكورة ، ومقتضاها حينئذ الاجتناب عن الثلاثة.
والجواب عن هذه الجهة من الإشكال هو أن يقال : إنّ الانحلال تارةً يكون حقيقياً بأن يكون إناء عمرو معلوم النجاسة تفصيلاً ، ويحصل العلم بوقوع نجاسة