ويمكن أن يستأنس لما ذكرناه في هذه الصورة بما ذكره في الكفاية (١) في بعض صور الأمر الاضطراري ، وهي ما لو بقي من مصلحة الواقع شيء لازم الاستيفاء ولكن لا يمكنه الاستيفاء بعد فعل الناقص ، من عدم تشريع البدار في هذه الصورة ، وهذا بخلاف مسألة الصلاة والازالة ، فإنّ فعل الصلاة لم يكن علّة في فوات فورية الازالة ، نعم إنّها ملزومة لترك فورية الازالة ، إلاّ أن هذا اللازم وهو ترك الفورية قد أقدم عليه بسوء اختياره ، وهو ـ أعني الترك المذكور ـ لازم أعمّ ، لجواز تحقّقه بدون الصلاة ، فمرجع الأمر بالصلاة في حال ذلك الترك إلى الأمر بأن يجعل تركه الذي أقدم عليه بسوء اختياره مقروناً بالصلاة فلا مانع منه ، بخلاف ما نحن فيه فإنّه مع فرض أنّه يحصل له العلم فيما بعد ويمكنه أن يأتي حينئذ بالواجب الأصلي ، يكون تركه للواجب الأصلي لازماً مساوياً لفعل الاخفاتية ، فلا يكون مرجع هذا الأمر بالاخفاتية إلى الأمر بجعل تركه الواجب الأصلي مقروناً بفعل الاخفاتية ، بل إنّ ذلك الترك منحصر بالاقتران بالصلاة الاخفاتية ، فلا يكون الأمر بالاخفاتية إلاّ أمراً بما هو لازم لترك الواجب ، ولا يكون اشتراط وجوب الاخفاتية بهذا الترك إلاّمن قبيل اشتراط الوجوب بما يكون مقروناً بمتعلّقه ، على وجه يكون شرط وجوب الشيء لازماً مساوياً لذلك الشيء ، بخلاف مسألة الصلاة والازالة ، فإنّ عدم الازالة وإن كان لازماً لوجود الصلاة إلاّ أنه لازم أعمّ ، لجواز أن تنعدم الازالة بلا صلاة ، بخلاف ما نحن فيه فإنّ عدم الجهرية الذي هو لازم لوجود الصلاة الاخفاتية ليس بأعمّ منها ، بل هو مساوٍ لها ، لأنّ المراد به هو خصوص العدم المقارن لفعل الاخفاتية ، لا العدم القابل للاجتماع مع غيره كما في صورة الجهل المستوعب وصورة ضيق الوقت ،
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٨٤.