[ فيه ] من الترك الخاصّ ـ أعني المقرون بفعل المهمّ ـ من هذا القبيل ، إذ لا يكون مفاد الأمر بالمهمّ إلاّ الأمر بما هو ملازم ، من دون إمكان جعله راجعاً إلى إشغال الفراغ الحاصل من ترك الأهمّ بفعل المهمّ. وما أشبه هذه المسألة بمسألة الضدّين اللذين لا ثالث لهما ، كما في مثل البقاء في الدار والخروج عنها بالنسبة إلى من اتّفق له الدخول فيها ، حيث قلنا في محلّه إنّه لا يجري الترتّب فيهما من جهة أنّ عدم [ أحدهما ] ملازم لوجود الآخر ، لا من جهة تحصيل الحاصل فقط كما يظهر من شيخنا قدسسره في مسألة الترتّب (١) ، لإمكان الجواب عنه بأنّ الشرط هو العنوان المنتزع ، بل من جهة الأمر بما يلازم عدم الواجب.
ومن ذلك كلّه يظهر لك التأمّل فيما أفاده الأُستاذ العراقي قدسسره في مقالته من الالتزام بصحّة الترتّب في المقام ، فإنّه بعد أن صحّح الأمر بالفاقد باعتبار كونه فرداً من الطبيعة ، وأنّ اعتبار الخصوصية الزائدة من باب تعدّد المطلوب ، قال : وعليه فلا بأس باتيان المأتي به بداعي الأمر بالجامع بينهما أيضاً بلا احتياج في تصحيح الأمر به إلى قاعدة الترتّب ، وإن كان مقتضى التحقيق صحّتها أيضاً خصوصاً مع الغفلة عن الواقع بترك فحصه ، فإنّه أمكن الالتزام بفعلية الأمر المطلق بالنسبة إلى المأتي به ، بلا فعلية حين الغفلة بالنسبة إلى الواقع ، وأنّ استحقاقه العقوبة بتفويته إنّما هو من جهة تقصيره السابق ، كمن ألقى نفسه عن الشاهق كما هو ظاهر (٢).
أمّا ما أفاده قدسسره من تخريج الأمر بالفاقد على تعدّد المطلوب ، بأن يكون المطلوب الأوّلي هو مطلق الصلاة والثانوي هو كونها جهرية ، فلازمه أنّه عند الاتيان بها إخفاتية يكون قد حصل المطلوب الأوّلي ، ففيه : أنّه لا يمكن إصلاحه
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٩٢.
(٢) مقالات الأُصول ٢ : ٢٩٤.