وحينئذ تكون الصلاة تماماً صحيحة من الجاهل المذكور ، فإن كان جهله عن قصور كان معذوراً ولم يكن مستحقّاً للعقاب على مخالفة التكليف الأوّلي أعني القصر ، وإن كان عن تقصير في التعلّم كان معاقباً على مخالفة ذلك التكليف الأوّلي الذي أوقعه في مخالفته جهله الناشئ عن تقصير في التعلّم ، ويكون من قبيل الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، ويكون الدليل الدالّ على هذا الترتّب بهذا التفصيل هو ما دلّ على عدم وجوب الاعادة المتضمّن لكون ما أتى به صحيحاً مأموراً به ، بعد الفراغ عن استحقاق العقاب على ترك تكليف واقعي متوجّه إلى المكلّف الجاهل.
ولابدّ أيضاً من دعوى أنّ صحّة امتثال الأمر الأوّل ـ أعني القصر ـ مشروطة بالالتفات إلى أنّ الأمر الواقعي هو القصر والقصد إلى امتثال ذلك الأمر الواقعي الذي التفت إليه ، بحيث كان ذلك الالتفات شرطاً في صحّة المأمور به ، وإن لم يكن شرطاً في أصل توجّه التكليف بالقصر ، فإن عجز عن ذلك وكان عجزه ناشئاً عن عدم علمه بالأمر المذكور ، توجّه إليه التكليف بالاتمام ، سواء كان ذلك عن قصور أو كان عن تقصير غير موجب لسقوط ذلك التكليف عنه ، بحيث يكون مستحقّاً للعقاب على مخالفته. ويتفرّع على ذلك ما أفتوا به من بطلان الصلاة قصراً عن الجهل بالحكم المذكور ، فإنّه لا يتمكّن من تحصيل ما هو المعتبر في المأمور به من الاتيان به بعنوان الالتفات إلى الأمر الواقعي وقصد امتثاله بخصوصه ، وهذا التكلّف إنّما نحتاج إليه في خصوص مسألة الاتمام في موضع القصر ، لأنّهم حسبما نقله الأُستاذ قدسسره يلتزمون بالبطلان لو أتى بالقصر وتأتّت منه نيّة القربة. أمّا مسألة الجهر في موضع الاخفات وبالعكس فغير محتاجة إلى