فيكون من قبيل أخذ العلم بالحكم في نفس ذلك الحكم ، ولأجل الفرار من هذا الإشكال التزم شيخنا قدسسره بكون العلم بوجوب الجهر نفسياً مأخوذاً في قيديته.
ثمّ إنّ تعدّد المطلوب الذي التزموا به في حال الجهل إن كان عبارة عن كون المطلوب الأوّلي هو مطلق الصلاة وكونها جهرية مطلوب ثانوي ، فذلك عبارة عن كونه واجباً في واجب ، وإن كان عبارة عن أنّ المطلوب الأوّلي هو الصلاة الجهرية ، فإن لم يحصل فالصلاة الاخفاتية ، فهذا هو محصّل الترتّب ، فلا يكون وجهاً آخر في قبال الترتّب ، فلاحظ كلماتهم وتأمّل.
قوله : ومنها ما أفاده الشيخ الكبير قدسسره في مقدّمات كتابه من الالتزام بالأمر الترتّبي ، وكون الواجب على المكلّف أوّلاً هو القصر ـ إلى قوله ـ وفيه : أنّ المقام أجنبي عن الخطاب الترتّبي ولا يندرج في ذلك الباب ... الخ (١).
لا يخفى أنّ هذا الايراد إنّما يتوجّه لو كان المراد بالترتّب هنا هو الترتّب المعروف ، أمّا لو كان المراد هو الترتّب الشرعي الذي أفاده شيخنا قدسسره في درس الفقه عند تعرّضه لهذه المسألة ، فلا يتوجّه عليه شيء من ذلك.
وحاصل ما أفاده قدسسره في درس الفقه في توجيه هذا الترتّب ، أنّه ترتّب شرعي تابع لدلالة الدليل الشرعي عليه ، بأن يكون التكليف الأوّلي على المسافر هو التقصير ، ويدلّ دليل آخر على أنّه إن عجز عن امتثال الأمر بالتقصير على نحو التفصيل ( ومعنى الامتثال على نحو التفصيل هو أن يلتفت إلى أنّه مأمور واقعاً بالتقصير ، ويأتي بالصلاة قصراً امتثالاً لذلك الأمر الواقعي ) وكان عجزه عن الامتثال بهذا التفصيل ناشئاً عن جهله بالحكم الواقعي ، كان مكلّفاً بالاتمام ،
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٢٩٣.