في الشريعة وقد أتى بها تشريعاً ، ثمّ بعد ذلك اتّفق أنّه كان في الواقع مأموراً بها ، كانت صلاته صحيحة ، وهو محتاج إلى التأمّل.
وعلى كلّ ، فنحن في غنىً عن هذه الجهة ، لأنّ فرض مسألتنا وهي مسألة الجهر والاخفات في صورة جهل المكلّف بوجوب الجهر ، هو الاعتقاد بأنّ الواجب هو مطلق الصلاة دون خصوص الاخفاتية.
نعم ، يتّجه الإشكال المزبور في خصوص مسألة القصر والاتمام ، فإنّ من كان جاهلاً بوجوب القصر يكون معتقداً بأنّ الواجب عليه هو التمام ، فلو أتى بالقصر في حال الجهل المذكور فقد أفتوا فيه بالبطلان ، وهو لأجل ما ذكرناه من التشريع ، ولو سلّمنا عدم كونه مبطلاً ، فلا محيص عن الالتزام بما تقدّم ذكره من دعوى كون الالتفات إلى الأمر الخاصّ شرطاً في هذه المسألة في صحّة المأمور به.
ولا يخفى أنّ لازم هذا الترتّب هو أنّ الجاهل المذكور إذا كان مقصّراً لو لم يصلّ أصلاً ، يكون مستحقّاً لعقابين ، أحدهما على ترك الصلاة الجهرية مثلاً لكونها هي الواجب أوّلاً ، والآخر على ترك الاخفاتية لكونه مأموراً بها عند جهله وعدم إتيانه بالأُولى ، وقد تحقّق منه الشرط المذكور.
نعم ، لو اتّفق له العلم بوجوب الجهرية عليه ، واستمرّ على العصيان وعدم الأداء والقضاء ، كان مستحقّاً لعقاب واحد وهو العقاب على ترك الجهرية ، كما أنّه لو اتّفق أنّه استمرّ به الجهل ، وأتى في حال جهله بالاخفاتية أداءً أو قضاءً ، لم يكن عليه إلاّعقاب واحد وهو العقاب على ترك الجهرية أيضاً ، ولا غرابة في استحقاق العقابين بعد أن التزمنا به في الترتّب المعروف.