قوله : ولا يندرج في ذلك الباب ( يعني باب الترتّب المعروف ) لأنّه يعتبر في الخطاب الترتّبي ( المعروف ) أن يكون كلّ من متعلّق الخطابين واجداً لتمام ما هو الملاك ومناط الحكم ، بلا قصور لأحدهما في ذلك ... الخ (١).
والحاصل : أنّه ليس لنا في المقام إلاّملاك واحد ، فلا يكون من الترتّب المعروف ، لأنّه يشترط فيه تحقّق الملاك في كلّ من الواجبين.
ولو فرضنا تحقّق الملاكين فيما نحن فيه ، لكان كلّ منهما واجباً بقول مطلق بحيث كان يلزم الجمع بينهما ، لأنّ المفروض إمكان الجمع بين الصلاتين ، ولو فرضنا عدم إمكان الجمع بينهما ولو من جهة أنّ أحدهما مذهب للمصلحة في الآخر ، لكان ذلك من باب التزاحم الآمري الذي يكون التزاحم فيه دائمياً ، دون التزاحم المأموري الذي يكون التزاحم فيه اتّفاقياً ، وحينئذ يكون اللازم على الآمر هو الأمر بأقواهما ملاكاً وإسقاط الأمر بالآخر ، ولو لم يكن أحدهما أقوى كان عليه أن يأمر بهما تخييراً. وعلى أي حال ، لا يكون من باب الترتّب المعروف.
نعم ، يمكن فيه الترتّب الشرعي من جهة أنّ الصلاة الجهرية هي ذات الملاك في نظر الآمر ، فيأمر بها أمراً مطلقاً ويأمر بالاخفاتية أمراً مشروطاً بالجهل بالأمر الأوّل وعدم الاتيان بمتعلّقه ، لأنّه قد اطّلع على أنّ في الاخفاتية مصلحة مشروطة بالجهل بوجوب الجهرية وعدم الاتيان ، على ما عرفت تفصيله فيما تقدّم.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٢٩٣.