حينئذ أنّ هذا البعض قد اعترف بذلك الاتّفاق ، لكنّه يوجّه استحقاق العقاب بترك التعلّم أو بالتجرّي ، ونحن بعد أن نبطل استحقاق العقاب على ترك التعلّم وعلى التجرّي ، ينحصر الوجه عندنا في الاستحقاق بما عرفت من وجود التكليف.
لكن الإنصاف : أنّ هذا الإجماع غير محقّق ، ولو تحقّق لما أمكن أن يكون إجماعاً على التكليف المذكور ، لكون استحقاق العقاب أعمّ من ذلك التكليف ، فيكون من قبيل الإجماع على اللازم الأعمّ ، ولعلّ هذا هو المراد له قدسسره.
ثمّ إنّ قوله عليهالسلام : « فلا شيء عليه وقد تمّت صلاته » (١) لا دلالة فيه على عدم استحقاق العقاب ، لجواز أن يكون النظر بقوله : « لا شيء عليه » إلى الاعادة في قوله عليهالسلام قبل هذا : « أيّ ذلك فعل متعمّداً فقد نقض صلاته وعليه الاعادة ».
ثمّ لا يخفى أنّا لو التزمنا بعدم استحقاق العقاب ، لم نتخلّص من إشكال الصحّة في خصوص حال الجهل مع فرض لزوم الاعادة في حال العلم إلاّبجعل التقيّد بالاجهار مقيّداً بالعلم به ، ليكون هذا الدليل مخصّصاً لأدلّة مشاركة العالم للجاهل.
قوله : ولكن وجوبهما الاستقلالي عند العلم به ينقلب إلى وجوب غيري ... فيرتفع الإشكال بحذافيره ... الخ (٢).
ملخّصه : هو ما عرفت عند الكلام على ما في الكفاية ، من أنّ الجهر واجب نفسي محلّه صلاة الغداة مثلاً ، سواء كان المكلّف عالماً به أو جاهلاً ، لكن كونه شرطاً في صحّة الصلاة مشروط بعلم المكلّف بذلك الوجوب النفسي ، فيكون وجوبه النفسي غير مشروط بالعلم ، ولكن وجوبه الشرطي مشروط بالعلم
__________________
(١) تقدّم استخراجه في الصفحة : ٥٧٩ ، الهامش (٣).
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٢٩٥.