أمّا إشكال تعدّد العقوبة الوارد على هذا التقريب الذي ذكرناه وعلى التقريب الذي أفاده شيخنا قدسسره فلا ضير فيه ، لامكان أن يلتزم بتعدّد العقوبة ، فإنّ من عصى وترك الظهر يعاقب على مخالفة وجوبها النفسي وعلى مخالفة وجوبها الشرطي الذي ... (١) عن العقاب على ترك العصر المقيّدة بمسبوقية الظهر. وهكذا الحال فيما نحن فيه ، فإنّ العالم بكلّ من الوجوب النفسي والشرطي للجهر لو ترك الصلاة ، يعاقب على ترك نفس الجهر وعلى ترك الصلاة الجهرية ، وكذلك الجاهل لو ترك أصل الصلاة يعاقب على ترك نفس الصلاة وعلى ترك نفس الجهر ، لأنّ كلاً منهما واجب نفسي ، لكنّه في خصوص مقامنا لا يخلو من بعد.
فالأولى أن يقال : إنّ الوجوب النفسي للجهر ليس بمطلق مثل وجوب الظهر ، بل لمّا كان ظرفه الاتيان بالصلاة كان مشروطاً قهراً بالاتيان بها ، وإن كانت هي واجبة عليه ، فيكون حاله من هذه الجهة حال استحباب التعقيب أو وجوبه مثلاً ، فإنّ الأمر به يكون مشروطاً بالاتيان بالصلاة ، ولا يضرّه كونها واجبة على المكلّف ولا كونها اختيارية له.
وبالجملة : أنّ الظاهر من قوله : اجهر بالقراءة حال الصلاة ، أنّ الاتيان بالصلاة موضوع لذلك الأمر ، لا أنّه من الأفعال الاختيارية التي يتوقّف عليها وجود الواجب نظير نصب السلّم بالنسبة إلى الصعود على السطح.
وإن شئت فقل : إنّ وجوب الاجهار في الصلاة لا يقتضي وجوبها مقدّمة له فإنّها وإن كانت كذلك ، بمعنى أنّه لا يمكنه الاجهار إلاّبعد فعل الصلاة ، إلاّ أنه من الممكن أخذ وجودها في وجوبه ، وفراراً عن لزوم تعدّد العقوبة نقول إنّ وجودها شرط في وجوبه ، وإذا تمّ لنا ذلك قلنا إنّه عند تركه للصلاة لا يكون
__________________
(١) [ في الأصل هنا سِقط ].