ولكنّه قدسسره أورد على هذه الوجوه بأنّه لو قصد المسافر الأمر بالتمام فأتمّ صلاته ، لكانت صلاته صحيحة ، مع أنّه بناءً على هذه الوجوه تكون الصلاة فاسدة لأنّه بناءً عليها لا يكون هذا المكلّف مكلّفاً في الواقع بالاتمام ، فكيف صحّ أن يقصد امتثال الأمر بالاتمام.
ولأجل ذلك عدل عن هذه الوجوه ، وأفاد قدسسره وجهاً آخر وهو كون المأمور به المشترك بين العالم والجاهل هو التخيير بين القصر والاتمام ، لكن القصر واجب نفسي ، وعند العلم به يكون قيداً.
ثمّ إنّه قدسسره أورد عليه بأنّ لازمه صحّة القصر من الجاهل لو تأتّت منه نيّة القربة ، ولأجل ذلك التجأ قدسسره إلى إنكار مسألة العقاب ، وأنّه ليس في البين إلاّتقييد لزوم هذه الخصوصيات بالعلم بها ولو على نحو نتيجة التقييد ، وأفاد أنّه مع الالتزام بترتّب العقاب على مخالفة تكليف مجهول ، فلا محيص من الالتزام بالترتّب السابق الذكر ، وقد عرفته مشروحاً بما لا مزيد عليه.
قلت : أمّا النقض على الوجه الثاني بفساد القصر الصادرة من الجاهل به فهو متوجّه أيضاً على باقي الوجوه ، لكنّه يمكن اندفاعه بما عرفت سابقاً من إمكان كون القصد تفصيلاً إلى شخص الأمر معتبراً في صحّة صلاة القصر.
وأمّا النقض على الوجوه السابقة على هذا الوجه بصحّة صلاة الجاهل عند قصد الاتمام ، مع أنّها تقتضي فساد هذه الصلاة لعدم كونه في الواقع مأموراً بالاتمام ، وإنّما هو مأمور بالركعتين وترك الأخيرتين نفسياً ، أو السلام على الأخيرتين نفساً ، فيمكن الجواب عنه بأنّه لمّا كان المطلوب منه الأُوليين ، ولم تكونا مقيّدتين بعدم الأخيرين ، ولا بالسلام عليهما ، بل كان ترك الأُخريين أو السلام على الأُوليين واجباً نفسياً مستقلاً ، فلا مانع من صحّة صلاته المزبورة ،