أنّ النبي صلىاللهعليهوآله أمر بالأخيرتين كي نقول : إنّ مقتضى الأمر بهما هو الوجوب النفسي بالتقريب الذي عرفته ، إذ لعلّ ما صدر عنه صلىاللهعليهوآله هو الأمر بالأربع ، بحيث إنّه صلىاللهعليهوآله قيّد الأُوليين بالأخيرتين ، ولكن مع ذلك نقول : إنّه لو دلّ الدليل على ما ذكر من عدم الاعادة في الصورة المزبورة ، نوجّهه باختصاص القيدية بحال العلم ، وأنّه في حال الجهل لا يكون إلاّ الوجوب النفسي.
ثمّ لا يخفى أنّ هذا التوجيه الذي أفاده قدسسره لمسألة الجهر في موضع الاخفات ، والاخفات في موضع الجهر ، والقصر في موضع الاتمام يجري فيه البحث السابق (١) عن صحّة ما يأتي به مطابقاً للواقع الذي اعتقد خلافه ، فلو كان المقيم الجاهل بوجوب الاتمام عليه معتقداً أنّ الواجب عليه هو القصر ، ولكن مع ذلك صلّى تماماً ، لكان ينبغي أن يحكم بفساد صلاته وإن كانت مطابقة للواقع ، لما عرفت من كون قصد التشريع مفسداً لها ، ولو لم نقل بفسادها من هذه الجهة فلا طريق لنا للحكم بفسادها ، إلاّ أن يدّعى الإجماع على الفساد ، فحينئذ يوجّه بما تقدّم ذكره من اعتبار العلم بوجوب الاتمام شرطاً في صحّة الصلاة الاتمامية.
قوله : وأمّا المسألة الثالثة : وهي الاتمام في موضع وجوب القصر فيمكن أن يقال في مقام التفصّي عن الإشكال فيها : بأنّ الواجب ... الخ (٢).
ممّا أفاده قدسسره في درس الفقه أنّه يمكن أن يكون ترك الأخيرتين واجباً نفسياً وعند العلم بذلك الوجوب النفسي أو عند العلم بالقيدية يكون عدمهما قيداً في الصلاة ، ويمكن أيضاً أن يكون السلام على الثانية واجباً نفسياً ، وعند العلم به أو عند العلم بكونه قيداً يكون قيداً في صحّة الصلاة.
__________________
(١) راجع الحاشية المتقدّمة في الصفحة : ٥٧٣.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٢٩٨.