الماء ، ومدرك الحكم بطهارة الثوب الاستقلالية إنّما هو قاعدة الطهارة في الثوب لا في الماء ، فكان من قبيل اختلاف الموضوع في الحاكم والمحكوم ، بخلاف إجراء قاعدة الطهارة في إناء زيد بعد تلفه ، الممحّض للأثر الثاني وهو طهارة ملاقيه ، فإنّ سقوطه موجب لسقوط قاعدة الطهارة فيه.
والحاصل : أنّ الطهارة الظاهرية في الثوب الناشئة عن الطهارة الظاهرية في أصله في صورة وجود الأصل ، لا تكون إلاّتبعية ، وسقوطها لا يوجب سقوط الطهارة الظاهرية الاستقلالية ، بخلاف الطهارة الظاهرية في الثوب الناشئة عن الحكم بطهارة أصله في صورة انعدام الأصل وانحصار أثر طهارته بهذه الطهارة أعني طهارة الثوب ، فإنّها تكون بمنزلة أصل مستقل ممحّض للحكم بطهارة الثوب ، فعند سقوطه يسقط فيه كلّ أصل يوجب الحكم بطهارته الظاهرية.
ويمكن أن يقال : إنّ قاعدة الطهارة في إناء زيد حينما كان خارجاً عن محلّ الابتلاء ، لمّا سقطت ولو باعتبار أثرها الثاني الذي هو طهارة الثوب ، لا يمكن إجراؤها فيه ثانياً بعد رجوعه إلى محلّ الابتلاء ولو باعتبار أثرها الأوّل الذي هو جواز شربه ، والمسألة مبنية على إمكان التبعيض في الآثار في مقام التعارض بين الأُصول وعدم إمكانه ، بدعوى أنّ سقوط الأصل بالتعارض يوجب سقوط تمام آثاره ، بحيث إنّه لا يعود ثانياً باعتبار أثر بعد فرض أنّه بنفسه قد سقط قبل هذا باعتبار أثر آخر كان جريانه ممحّضاً له ، فتأمّل.
لكن لو تمّ هذا لأمكن الرجوع في جواز شربه حينئذ إلى أصالة البراءة ، إذ لا مانع منها لا من ناحية العلم الاجمالي الحادث بعد عوده إلى الابتلاء ، لسبقه بتنجّز طرفه الذي هو إناء عمرو ، ولا من ناحية التعارض ، لأنّ المفروض أنّ إناء عمرو قد سقط فيه كلّ أصل مسوّغ للارتكاب بالتعارض مع الثوب قبل رجوع إناء زيد