طرف الأوّل سابقاً في الرتبة على مقتضى العلم الثاني بين الملاقي ـ بالكسر ـ وطرف الملاقى ـ بالفتح ـ ، فلا يكون العلم الثاني مؤثّراً ، لكون الوجوب في أحد طرفيه الذي هو طرف الأوّل متنجّزاً بالعلم الأوّل بين الملاقى ـ بالفتح ـ وطرفه.
ولكن هذه المسألة ـ أعني تأخّر ما هو متأخّر عمّا هو في رتبة الشيء عن نفس ذلك الشيء ـ من المشكلات ، وقد تعرّضنا لها في أوائل مسألة الضدّ في الحاشية على ص ٢١٦ من التحريرات المطبوعة في صيدا (١) ، وفي أوائل حجّية القطع من هذا الكتاب في مسألة أخذ العلم بالحكم موضوعاً ، فراجعه في حاشية ص ٦ من هذا التحرير (٢).
وحاصله : أنّ الشيئين إمّا أن يكون أحدهما في طول الآخر كما إذا كان معلولاً له ، وإمّا أن يكون أحدهما في عرض الآخر كما إذا كانا معلولين لعلّة ثالثة ، وإمّا لا يكون أحدهما في طول الآخر ولا في عرضه ، كما إذا لم يكن بينهما ربط العلّية ولا ربط المعلولية كالكتاب والدار مثلاً.
إلاّ أن يقال : إنّ العرضية هي عبارة عن عدم الطولية. ولا يخفى ما فيه ، فنقول : إنّه لو كان ألف مثلاً علّة لكلّ من الباء والجيم ، وكان الجيم علّة لدال ، فهل يكون الدال في عرض الباء لعدم العلّية والمعلولية بينهما ، أو أنّهما لا يكونان إلاّ مثل الكتاب والدار في أنّه لا طولية بينهما ولا عرضية ، أو أنّ تأخّر الدال عن الجيم بحسب الرتبة يكون موجباً لتأخّره رتبة عن الباء ، لأنّ صقع الباء هو صقع الجيم ، والمفروض أنّ صقع الدال متأخّر عن صقع الجيم ، فيكون قهراً متأخّراً عن صقع الباء ، وبناءً على ذلك نقول إنّه لو كان للباء معلول يكون الدال واقعاً في مرتبة ذلك
__________________
(١) وهي الحاشية المتقدّمة في المجلّد الثالث من هذا الكتاب ، الصفحة : ١٢٨.
(٢) وهي الحاشية المتقدّمة في المجلّد السادس من هذا الكتاب ، الصفحة : ٤٠.